ارتاعت الطفلة عندما سمعت صراخ المفجوعين ، واستقيظت على عويل الباكيات ، والباكين.
ثم هي ترى جدها الأعظم ، صامتاً لا يتكلم ، ساكناً لا يتحرك ، والدنيا من حوله في ضجيج وصخب وهياج ، وكأنما زلزلت الأرض أو اجتاحها إعصار رهيب.
ارتاعت الحوراء زينب الطفلة الذكية وهي ترى هذه المشاهد المؤلمة وترى جدها العزيز الجليل يحمل على آلة حدباء ويرحل الرحلة المحتومة على كل إنسان من بني البشر.
كم روع قلبها الخلي هذا الموقف وهي تسمع لحن الموت الحزين وترى موكب الرحيل الأليم.
وتعود الطفلة لتجد امها الزهراء عليهاالسلام حزينة القلب ، باكية العين ، فاقدة الصبر ، مصدعة الكيان ، كسيرة الفؤاد.
وتتوالى الأحداث والهموم والكوارث على البيت العلوي الشريف.
وتدور الأيام ثقيلة حزينة والحوادث تتلو بعضها بعضاً ... والحوراء « زينب » وإن كانت صغيرة السن ولكنها سلام الله عليها كبيرة العقل ، راجحة الإدراك.
تفهم وتعي جميع ما يدور حولها من أحداث ... ومفاجآت ومؤامرات نفثت سمومها وكادت نيرانها تحرق البيت الذي طهَّره الله من الرجس ورفعه عالي الأركان بالدين مبجَّلاً بالعالمين.
تأخذني الأفكار لأتمثل الحوراء « زينب » وهي طفلة لم تودّع عامها السادس ، لتشهد موت جدها الرسول وتعي مشاهد الذهول والحزن والجزع ، من هذه المصيبة التي ألمت بالمسلمين ، تجرُّ وراءها قافلة الهموم والأحداث والوقائع.