وقفت بجانب عمتها العقيلة زينب ، تتلقى المصائب صابرة محتسبة. وتكويها الأحزان بنار ملتهبة. وتذوق مرارة فقد الاحبة ، فلا تزيدها كل هذه الآلام إلا عزوفاً عن ملذات الدنيا ، ويصفها والدها الحسين (ع) « خيرة النسوان ».
في ساعة الوداع يوم « طف كربلاء » افتقد الحسين ابنته الحبيبة سكينة فوجدها منحازة عن النساء ، باكية العين ، كسيرة الفؤاد.
اكب عليها يقبلها في لهفة وحنان ، ثم رفع رأسه وقال في شجاعة واشفاق :
« هلا ادخرت البكاء ليوم غد ؟ تجلدي يا حبيبتي واصبري ان الله مع الصابرين ».
سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي |
|
منك البكاء إذا الحمام دهاني |
لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة |
|
ما دام مني الروح في جثماني |
فإذا قتلت فانت أولى بالذي |
|
تأتينه يا خيرة النسوان |
ها هي السيدة سكينة ، واقفه على أرض كربلاء ، بجانب جثة ابيها الإمام (ع) مهيضة الجناح ، حزينة القلب ، تتزاحم الدموع في مقلتيها في حين تطوي الألم والحسرات بين أضلعها وتردد :
ان الحسين غداة الطف يرشقه |
|
ريب المنون فما ان يخطئ الحدقة |
بكف شر عباد الله كلهم |
|
نسل البغايا وجيش المرق الفسقة |
أأمة السوء هاتوا ما احتجاجكم |
|
وجلكم بالسيف قد صفقه |
الويل حل بكم إلا بمن لحقه |
|
صيرتموه لا رماح العدى درقه |
يا عين فاحتفلي طول الحياة دماً |
|
لا تبك ولداً ولا أهلاً ولا رفقه |