ولكن عمرة وقفت مواقف الاشراف الأباة ، وهيهات أن تذل الحرة ، وتبيع عقيدتها ، أمر مصعب بقتلها لعلها تنهار أمام التهديد والخوف. واستعمل جميع وسائل الإغراء من بذل المال وأطماعها بالجاه ، وغير ذلك.
لكنه وقف أمام عقيدتها الراسخة ووفائها وصمودها الجبار عاجزاً مقهوراً. فباء بالفشل والخيبة ، ولم تنفعه الحيل.
بعد ذلك أمر أن توضع ( عمرة بنت النعمان ) في حفرة وأمر السياف أن يقف على رأسها ووقف مصعب بجانبها يتوعدها تارة ويتهددها اخرى.
لكن عمرة لم تكترث بالموت ، ولم تبالي بما يحيط بها من دواعي الشر بل انطلقت تقول بصوت ملؤه الإيمان بالله ، تصرخ في وجوه الظالمين : كيف اتبرأ من رجل يقول ربي الله !؟ اني اعهده صائماً نهاره ، قائماً ليله ، وقد بذل دمه في سبيل الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « شهادة أرزقها ثم اتركها ! الله اشهد اني متبعة لنبيك وابن بنته ... وأهل بيته ... وشيعته.
وحينما ابت عمرة الانصياع لمصعب وراعه صمودها أمام السياف فضربها ثلاث ضربات على رأسها حتى ماتت ، وهي باقية على عقيدتها.
وفي مقتل عمرة بنت النعمان الانصارية ، قال عمر بن ابي ربيعة :
ان من أعجب الاعاجيب عندي |
|
قتل بيضاء حرة عطبول |
قتلوها ظلماً ومن غير جرم |
|
ان لله درها من قتيل |
كتب القتل والقتال علينا |
|
وعلى الغانيات جر الذيول (١) |
__________________
(١) حادثة عمرة بنت النعمان الانصارية. ذكرت بعدة اوجه :
ذكرها الطبري في تاريخه ، وابن عبد ربه الاندلسي في العقد الفريد ـ والسيد علي فضل الله الحسني في الاخلاق الاسلامية وغيرهم.