ان الإنسان لو عبد الله حقاً ، ومشى على طبق التعاليم الإسلامية وانتهج الصراط المستقيم. وعمل الخير وأمر بالمعروف وانتهى عن المنكر كان من الصالحين ... وإلا فقد حكم على نفسه بأنه دجال منافق وقد أشارت الآية الكريمة إلى هذا المعنى ( فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (١) * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (٢) ) وقال الشاعر :
ما قال ربك ويل للأولى سكروا |
|
بل قال ربك ويل للمصلينا |
وفرض على الإنسان الصوم ، يصارع غرائزه الحيوانية لكي يتمكن من مصارعة أهوائه الشخصية ، ورغباته الذاتية التي يعصي بها ربه إن اطاعها ، لانها تصطدم مع أهواء إخوته من بني البشر.
فكل منهم يرغب في امتلاك العالم وما فيه ، وتكمن في نفسه شهوة السيطرة وحب الذات. وتفيض نفسه كرهاً وحقداً لكل ما يقف في طريق تحقيق مرادها.
ومن الناس من يسلك للحصول على المال طرقاً ملتوية لا تقرها الشرائع والاخلاق ، ولا يكتفي بالحلال ، ولا يبالي بالحرام. فهو جائع لا يشبع طامع لا يقنع. استعبدته شهوة المال ، وحرمته لذة الرضا والقناعة.
ولما تتضارب مصالح الإنسان مع مصالح أخيه ، يضطر من أجل ارضائها ان يظلم اخاه ليرمي بانسانيته عرض الحائط. وكما قال الشاعر :
الظلم من شيم النفوس فان تجد |
|
ذا عفة فلعلة لا يظلم |
فالصيام يفرض عليه مصارعة غرائزه الحيوانية من أكل وشرب وجنس
__________________
(١) سورة ـ الماعون ـ اية ـ ٤.
(٢) سورة ـ الماعون ـ اية ـ ٥.