وانصرف رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وصار الى بعض الطريق ، سال مخ ساق عبيدة (١) وكان ضرب على ساقه ، واشتدّ عليه واحتضر ، وجاء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فدعا له ، وأثنى عليه وبشره بالجنة.
وكان شيخنا مسنا. ويقال إنه بارز من بارزه ، وهو يتوكأ على عصا (٢). فقال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : نحن كما قال أبو طالب. وأنشده شعرا :
ونسلمه حتى نصرع حوله |
|
ونذهل عن أبنائنا والحلائل |
[ نعود الى ذكر أبي طالب ]
وكان اظهار أبي طالب ما اظهر من التمسك بدين العرب ، والرغبة فيه مع تصديقه لرسول الله صلىاللهعليهوآله واقراره بنبوته ، مما أيد الله به أمر محمد صلىاللهعليهوآله ، لانه [ لو ] أظهر الاسلام لرفضته العرب ولم يعضده من عضده منهم على نصرة رسول الله صلىاللهعليهوآله .
والاخبار يطول ذكرها في تربيته رسول الله صلىاللهعليهوآله وايثاره إياه على ولده وقيامه به وبذله نفسه دونه.
__________________
أن النبي صلىاللهعليهوآله عقد لعبيدة راية ، وارسله في سرية قبل واقعة بدر ، فكانت أول راية عقدت في الاسلام.
قال ابن هشام في السيرة ص ٥٢٦ : لما اصيب في قطع رجله يوم بدر قال : أما والله لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لعلم أني أحق بما قال منه حيث يقول :
كذبتم وبيت الله نبرى محمدا |
|
ولما تطاعن دونه ونناضل |
وتوفي في العام الثاني للهجرة.
(١) المغازي ١ / ٦٩ ، شرح النهج لابن أبي الحديد ١٤ / ٨٠ ، خزانة الادب ٢ / ٦٤.
(٢) الحجة على الذاهب الى تكفير أبي طالب لشمس الدين المتوفى ٦٣٠ ه ص ٣٠٢ ، الكامل لابن الاثير ٢ / ١٢٥.