فلحق يحيى بن عبد الله (١) بالديلم فظهر فيهم ، ودعا الى نفسه ، ـ وجمع الجموع هناك واستعدّ للحرب واستجأش بالديلم ، وغيرهم.
وعلم هارون الرشيد ، فأرسل إليه الفضل بن يحيى بن برمك ، وعقد له على الخيل وثغور الديلم وطبرستان وما يليهما ، وضمّ إليه خلقا كثيرا من الجنود من قواد خراسان وغيرهم ، فسار إليه الفضل بن يحيى ، ونزل بازائه وكاتبه وآتاه الأمان والعهود المؤكدة ، ووعده بالإحسان والهبات والصلاة والجوائز والقطائع ، وأرغبه ، ومشت السفراء بينهما بذلك حتى أجابه الى قبول ما عرض عليه من الأمان ، والدخول فيه بغير حرب ، ولا قتال ، فتقدم به الفضل به يحيى على الرشيد ، وقد كان يتخوف سوء كتمه وشدة أمره وهاله وكبر في صدره موقع ما كان من الفضل بن يحيى في ذلك عنده وسرّ به. وكان الفضل يلاطف يحيى بن عبد الله ويبره ، فبلغ ذلك الرشيد فجفا الفضل وغضب عليه ، حتى كلمته فيه أمّ محمد بنت الرشيد ، فرضي عنه. ثم بعث الرشيد بعد ذلك بيحيى بن عبد الله الى المدينة فحبسه بها ، فلم يزل محبوسا حتى مات (٢). وقيل : إنه حبسه في بئر ، فوجد فيها ميتا قد غص على حملها (٣).
__________________
(١) وهو من أصحاب الحسين صاحب فخ الناجين من القتل فاستتر مدة يجول في البلدان ويطلب موضعا يلجأ إليه حتى لحق بالديلم.
(٢) قال ادريس بن محمد بن يحيى بن عبد الله : قتل جدي بالجوع والعطش في الحبس.
(٣) هكذا في الاصل.
قال علي بن إبراهيم العلوي يرثيه :
يا بقعة مات بها سيد |
|
ما مثله في الأرض من سيد |
مات الهدى من بعده والندى |
|
وسمي الموت به معتدي |
فكم حيا حزت من وجهه |
|
وكم ندى يحيى به المجتدي |
لا زلت غيث الله يا قبره |
|
عليك منه رائح مغتدي |