له ولمعرفتهم لحقّه ولعلمه واقتباسهم منه. ولقد رأيت الحكم بن عيينة على حالته في الناس وسنّه وهو بين يديه يتعلم منه ، ويأخذ منه كالصبي بين يدي المعلم.
[١١٨٨] وروي عن جعفر بن محمد بن علي ، أنه قال : حججت مع أبي محمد بن علي ، فبينا هو يصلّي من الليل في الحجر في ليالي العشر ، وأنا خلفه إذ جاء رجل أبيض الرأس واللحية جليل العظام بعيد ما بين المنكبين عريض الصدر عليه ثوبان غليظان أبيضان في هيئة المحرم ، فجلس الى جانبه فكأنه ظن أنه يريد حاجة ، فخفف الصلاة ، فلما سلّم أقبل إليه بوجهه ، فقال له الرجل : يا أبا جعفر أخبرني عن بدء خلق هذا البيت كيف كان؟
فقال أبو جعفر عليهالسلام : ممن أنت؟
فقال له الرجل : من أهل الشام.
فقال له عليهالسلام : إن أحاديثنا إذا اسقطت الى الشام جاءتنا صحاحا ، واذا اسقطت الى العراق جاءتنا وقد زيد فيها ونقص. ( يعني أن شيعتهم بالعراق كثيرا بأخذ ذلك بعضهم من بعض ، فيقع من ذلك الزيادة والنقصان بين النقلة ، وهم بالشام قليل ، فاذا سقط الحديث الى من يسقط إليه بقي على حاله ).
قال : ثم أقبل عليه فقال : بدء خلق هذا البيت ، إن الله تعالى لما قال للملائكة ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (١).
فردّوا عليه بقولهم : ( أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ
__________________
(١) البقرة : ٣٠.