[ العباس بن عبد المطّلب ]
وأما العباس بن عبد المطّلب (١) عمّ الرسول ، فإنه كان أسن بثلاث سنين من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولم يسلم الى أن شهد بدرا مع مشركي أهل مكة. وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله [ قد ] قال للمسلمين يوم بدر : فمن قدرتم أن تأسروه من بني هاشم فلا تقتلوه ، فانهم اخرجوا كرها.
فاسر العباس فيمن اسر (٢) ، وشدّ في الوثاق ، فكان يئن لشدة الرباط ، فإذا سمعه رسول الله صلىاللهعليهوآله يئن ، قال : احفظوني في العباس ، فانه عمي (٣) وعم الرجل صنو أبيه. ولما أن منّ رسول الله صلىاللهعليهوآله على من اسر من المشركين يوم بدر على أن يفدوا أنفسهم منّ عليه فيهم.
وقال صلىاللهعليهوآله له : أفد نفسك وابن أخيك عقيلا ، فانه ليس له مال ، وكان قد اسر معه يومئذ. فقال : أنا ما عندي مال.
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : فأين المال الذي دفعته يوم خروجك من مكة الى أمّ الفضل ، وقلت لها : إن اصبت فلعبد الله كذا ، وللفضل كذا ، ولك كذا ، ولفلان كذا. وذكر له ما قال.
فقال العباس : والله ما سمع مني ذلك غيرها ، وما أطلعك على ذلك إلا الله. وأسلم ، وفدى نفسه وعقيل بن أبي طالب ، وكان مع النبي صلىاللهعليهوآله ليلة العقبة. فعقد له على الانصار ، وأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوآله السقاية يوم فتح مكة. وعاش بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله الى أن أدرك
__________________
(١) وأمه أول عربية كست البيت حريرا وفاء لنذرها.
(٢) أسره أبو اليسر كعب بن عمر.
(٣) رواه أحمد بن حنبل في مسنده ١ / ٩٤.