أيام عثمان بن عفان ، فمات فيها في المدينة ، وقد كفّ بصره ، وكان طول أيامه بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله يعرف لعلي عليهالسلام حقه ويحثه على القيام ، ويبذل له نفسه في ذلك ، ولما أن قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله سلّم أمره لعلي عليه والسلام ، ولم يعارضه في شيء من أمر القيام بأمره ، وقال له : أين تدفنه يا أبا الحسن؟
فقال عليهالسلام : في الموضع الذي قبض فيه ، وفعل ذلك ، ولم يجر بينهما اختلاف خلا ما جاء في الظاهر بأنه طلب منه تراث رسول الله صلىاللهعليهوآله وخاصمه في ذلك الى أبي بكر ، فقضى أبو بكر لعلي.
وقد قيل إن ذلك كان بينهما توقيفا لأبي بكر على ما استأثر به من حق علي عليهالسلام.
وقد قال بعض المتكلمين لبعض الشيعة (١) عند بني العباس : أليس قد خاصم علي عليهالسلام العباس عند أبي بكر ، قال : فأيهما كان على الحق؟
أراد إن قال العباس ظلم عليا ، وإن قال علي أوحش بني العباس. فقال : كانا على الحق كما كان الملكان اللذان تسوّرا المحراب على داود عليهالسلام واختصما إليه. وانما أرادا تقريره على الخطيئة التي وقع فيها ، فكذلك أراد علي والعباس ، ألم تر أن العباس لما قال أبو بكر ما قال عن رسول الله صلّى الله عليه
__________________
(١) روى المدني في الدرجات الرفيعة ص ٩١ : أن متكلما قال لهارون الرشيد : اريد أن اقرر هشام بن الحكم بأن عليا كان ظالما. فقال له : إن حصلت لك كذا وكذا. فأمر به ، فلما حضر هشام قال له المتكلم : يا أبا محمد روت الامة بأجمعها أن عليا نازع العباس الى أبي بكر في تركه النبي صلىاللهعليهوآله . قال هشام : نعم. قال : فأيهما الظالم لصاحبه.
قال هشام : فقلت له : لم يكن فيهما ظالم. قال : أفيختصم اثنان في أمروهما جميعا محقان؟ قال هشام : نعم اختصم الملكان الى داود ، وليس فيهما ظالم ، وانما أرادا أن ينبها داود على الخطيئة ويعرفاه الحكم. كذلك علي عليهالسلام والعباس تحاكما الى أبي بكر ليعرفاه ظلمه وينبهاه على خطئه ، فلم يحر المتكلم جوابا واستحسن الرشيد ذلك.