نصره ، واخذل من خذله. ولم يقل ذلك لأحد غيره ، وفي ذلك بيان لاستخلافه إياه وامامته دون من سواه. ومن هذا الوجه أيضا أن شيعة الرجل أنصاره وأصحابه وموافقوه قول الله تعالى في قصة نوح عليهالسلام : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (١).
وكان ابراهيم ثالث النطقاء المرسلين ، أرسله الله تعالى بعد نوح عليهالسلام مصدّقا له ، ولما جاء به من الرسالة من عند الله ناصرا بذلك له موافقا لما جاء به من الرسالة ، فكان بذلك من شيعته كما أخبر الله تعالى بذلك.
وكذلك قوله : ( فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) (٢). كان الذي استغاث موسى عليهالسلام رجل مؤمن من أنصار موسى عليهالسلام وأتباعه ، والشيعة في اللغة ـ أيضا ـ : كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة أصنافهم (٣) ، ومن ذلك قول الله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ) (٤) ، وقوله : ( كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ ) (٥) أي : بأمثالهم من الشيع الماضية. والمشايعة ـ في اللغة ـ : المتابعة في الأمر ، ويقال منه : شايعت فلانا على كذا : اذا تابعه عليه. وقد كان لعلي عليهالسلام في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله قوم اتبعوه على أمر وتولّوه وعرفوا حقه وحفظوا ما استحفظهم رسول الله صلىاللهعليهوآله من أمره يعرفون بذلك ، ولم يكن مثل ذلك لأحد من الصحابة غيره ، إذ لم [ يكن ] أحد منهم في مقام من يتّبع ويتولى من له أمر يتّبع ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعرّفهم بذلك ويثني به عليهم. ويسميهم : « شيعة علي » ويذكر فضله مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار.
__________________
(١) الصافات : ٨٣ و ٨٤.
(٢) القصص : ١٥.
(٣) في نسختنا هذه العبارة كما يلي : فهم شيعة أصنافهم شيعة. والظاهر أنه سهو من النساخ.
(٤) الحجر : ١٠.
(٥) سبأ : ٥٤.