دم كما دلّت على انفعاله بإصابة منقار الدجاجة الذي فيه قذر بناء على رواية الشيخ حيث زاد على الموثقة « وسئل عن ماء شربت منه الدجاجة قال : إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم يشرب ... » إلى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبع في تضاعيف الأبواب ومن البديهي أن إصابة هذه الأشياء للماء لا توجب تغيراً فيه وهو ظاهر. والنسبة بين هاتين الطائفتين هي التباين لدلالة إحداهما على أن المدار في الانفعال على التغيّر فحسب ، وثانيتهما دلت على أن المناط فيه هو ملاقاة النجس دون غيرها إذ لا يتصوّر في مواردها التغيّر بوجه فهما متعارضتان.
ثم إنّ هناك طائفتين أُخريين مخصصتين للطائفة الثانية إحداهما غير مجملة وثانيتهما مجملة.
أمّا ما لا إجمال فيه فهو صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع (١) المخصصة للطائفة الثانية بما لا مادّة له ، وأن ما له مادّة لا ينفعل بالملاقاة وإنما ينفعل بالتغيّر ، ومنها يظهر أن المراد بالماء في تلك الطائفة هو الماء الذي لا مادّة له ، وهو كما ترى مما لا إجمال فيه. فإذا خصصنا الطائفة الثانية بتلك الصحيحة انقلبت النسبة بين الطائفتين المتعارضتين من التباين إلى العموم المطلق لدلالة أُولاهما على حصر الانفعال في التغيّر مطلقاً كان للماء مادّة أم لم يكن ودلت ثانيتهما على حصره في الملاقاة في خصوص ما لا مادّة له وهي أخص مطلقاً من الاولى فيخصصها وتدل على أن الماء الذي لا مادّة له ينفعل بالملاقاة.
وأمّا المخصّص المجمل فهو الروايات الواردة في الكر لدلالتها على عدم انفعال الكر بالملاقاة ولكنها مجملة فإن للكرّ إطلاقات كما تقدم. وبما إن إجمال المخصص المنفصل لا يسري إلى العام فنخصصه بالمقدار المتيقن من الكر وهو ألف ومائتا رطل عراقي وأمّا ما ينقص عن هذا المقدار فلا محالة يبقى تحت العموم المقتضي لانفعال ما لا مادّة له بالملاقاة.
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٤١ / أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١٢ ، وص ١٧٢ / أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٦.