على ما اخترناه لأن أكثر الراوية بحسب المقدار هو ما يسع سبعة وعشرين شبراً من الماء ، وهي وإن شملت بإطلاقها لما يسع أقل من مقدار سبعة وعشرين شبراً ، لأن الراوية تختلف بحسب الصغر والكبر وهي تطلق على جميعها إطلاقاً حقيقياً ، إلاّ أنه لا بدّ من رفع اليد عن إطلاقها بمجموع الروايات المتقدمة الدالّة على أن الكر ليس بأقل من سبعة وعشرين شبراً ، وبها نقيد إطلاقها ونخصصها بما تسع مقدار سبعة وعشرين شبراً من الماء.
وأيضاً يمكن تقييدها بصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة الدالّة على تحديد الكر بستمائة رطل ، لما عرفت من تعيّن حملها على الأرطال المكية ، فمفاد الصحيحة حينئذٍ اعتبار بلوغ الماء ألفاً ومائتي رطل عراقي ، وقد أسلفنا أنّا وزنّا الكر غير مرة ووجدناه موافقاً لسبعة وعشرين شبراً فهي تنفي الاعتصام عمّا هو أقل من ذلك المقدار.
هذا ولكن الرواية ضعيفة السند بعلي بن حديد. نعم ، ان لزرارة رواية أُخرى متحدة المضمون مع هذه الرواية وهي صحيحة السند إلاّ أنها غير مسندة إلى الإمام عليهالسلام وكأنّ مضمونها حكم من زرارة نفسه وقد نقلها في الوسائل عن الكليني قدسسره فليلاحظ إذن فما أسنده إلى الإمام عليهالسلام غير صحيح وما هو صحيح غير مسند إلى الإمام عليهالسلام.
فتحصّل : أن الصحيح في تحديد الكر هو تحديده بسبعة وعشرين شبراً وهو الذي ذهب إليه القميون قدسسرهم.
وتؤكده مرسلة عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « الكر من الماء نحو حبيّ هذا ، وأشار إلى حبّ من تلك الحباب التي تكون بالمدينة » (١). والوجه في تأكيدها أن فرض حب يسع بمقدار ثلاثة وأربعين شبراً أو ستة وثلاثين شبراً من الماء فرض أمر غير معهود خارجاً ، بخلاف ما يسع بمقدار سبعة وعشرين شبراً لأنه أمر موجود متعارف شاهدناه وهو موجود بالفعل أيضاً عند بعض طباخي العصير. وهذه الرواية مؤكدة لما اخترناه من مذهب القميين وغير قابلة لأن يستدل بها في
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٦٦ / أبواب الماء المطلق ب ١٠ ح ٧.