والوثوق ، والاعتماد عليه غير صحيح ، وبذلك تكون الرواية ضعيفة لا محالة (١).
ثم لو أغمضنا عن سندها فهي قاصرة الدلالة على مسلك المشهور لأن الرواية غير مشتملة على ذكر الطول والعرض والعمق ، وإنما ذكر فيها كون الماء ثلاثة أشبار ونصف في مثله أي مثل الماء ثلاثة أشبار ونصف في عمقه ، وظاهرها هو الدائرة كما بيّناه في صحيحتي إسماعيل بن جابر فيستفاد منها أن الكر ما يقرب من ثلاثة وثلاثين شبراً وهو ممّا لا قائل به كما مرّ. فلا بدّ من حملها على اختلاف سطح الماء الراكد إذ الماء في الصحاري لا يتمركز في الموارد المسطحة بل في الأراضي منخفض الوسط ، فوسطه أعمق من جوانبه ، ولعلّ الزائد عن سبعة وعشرين إنما هو بهذا اللّحاظ. فالرواية غير معارضة للصحيحتين المتقدمتين.
وأمّا ما عن شيخنا البهائي قدسسره في الحبل المتين من إرجاع الضمير في « مثله » إلى ثلاثة أشبار ونصف باعتبار المقدار ودعوى أن الموثقة مشتملة على ذكر الأبعاد الثلاثة وهي حينئذٍ صريحة الدلالة على مسلك المشهور (٢). فيدفعه : أنه تكلف محض لاستلزامه التقدير في الرواية في موضعين :
أحدهما : في مرجع الضمير بتقدير المقدار.
وثانيهما : بعد كلمة « مثله » بتقدير لفظة « في » لعدم استقامة المعنى بدونهما وهو كما ترى تكلف والتزام من غير ملزم فالصحيح ما ذكرناه من إرجاع الضمير في « مثله » إلى الماء وعدم اشتمال الموثقة على الأبعاد الثلاثة. إذن لا بدّ من حملها على اختلاف سطح الماء الراكد كما مرّ.
بقي الكلام في ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال « قلت له : راوية من ماء سقطت فيها فأرة أو جرذ أو صعوة ميتة ، قال : إذا تفسخ فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضّأ وصبّها ، وإن كان غير متفسّخ فاشرب منه وتوضأ ... » (٣). وهي أيضاً تدل
__________________
(١) وقد عدل سيدنا الأُستاذ ( مدّ ظلّه ) عن ذلك أخيراً وبنى على أن المكنّين بأبي بصير كلّهم ثقاة ومورد للاعتبار.
(٢) حبل المتين : ١٠٨.
(٣) الوسائل ١ : ١٣٩ / أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٨.