باكتساب رائحته لا يكون مانعاً عن إطلاق الماء عليه حقيقة ، وهو نظير ما إذا أُلقيت عليه ميتة طاهرة كميتة السمك واكتسب منها رائحة نتنة ، فإن ذلك لا يخرجه عن الإطلاق ويصح استعماله في الوضوء والغسل قطعاً. نعم ، يدخل الماء بذلك تحت عنوان المتغيّر وهو موضوع آخر له أحكام خاصة ، والمتغير غير المضاف إذ المضاف على ما أسمعناك سابقاً هو الذي خلطه أمر آخر على نحو لا يصح أن يطلق عليه الماء حقيقة بلا إضافته إلى شيء كما في ماء الرمان وفي القسم المتقدم من ماء الورد ، إلاّ على سبيل العناية والمجاز. وأمّا إذا كان الماء أكثر مما أُضيف إليه بحيث صحّ أن يطلق عليه الماء بلا إضافته كما صحّت إضافته إلى الورد أيضاً ، فهو ماء مطلق كما عرفت في نظائره من ماء البحر أو البئر ونحوهما.
وثالثها : ماء الورد المتعارف في زماننا هذا ، وهو الماء الذي يلقى عليه مقدار من الورد ثم يغلي فيتقطر بسبب البخار ، وما يؤخذ من التقطير يسمى بماء الورد ، وهذا القسم أيضاً خارج عن المضاف ، لما قدمناه من أن مجرد الاكتساب وصيرورة الماء متعطّراً بالورد لا يخرجه عن الإطلاق ، فإنّه إنّما يصير مضافاً فيما إذا خلطه الورد بمقدار أكثر من الماء حتى يسلب عنه الإطلاق كما في ماء الرمان ، وليس الأمر كذلك في ماء الورد فإن أكثره ماء والورد المخلوط به أقل منه بمراتب ، وهو نظير ما إذا صببنا قطرة من عطور كاشان على قارورة مملوءة من الماء فإنّها توجب تعطر الماء بأجمعه ، مع أن القطرة المصبوبة بالإضافة إلى ماء القارورة في غاية القلة. فأمثال ذلك لا يخرج الماء عن الإطلاق ، وإنّما يتوهّم إضافته من يتوهّمها من أجل قلته ، فلو كان المضاف كثير الدوران والوجود خارجاً لما حسبناه إلاّ ماءً متغيراً بريح طيب ، ومن هنا لو فرضنا بحراً خلقه الله تعالى بتلك الرائحة لما أمكننا الحكم بإضافته بوجه.
فإلى هنا ظهر أن لماء الورد أقساماً ثلاثة : الأول منها مضاف والقسمان الأخيران باقيان على إطلاقهما ، وعليه فلا محيص من حمل الرواية على القسمين الأخيرين ، فإن القسم المضاف منها لا يوجد في الأعصار المتأخرة ولعلّه لم يكن موجوداً في زمان الأئمة عليهمالسلام أيضاً فلا تشمله الرواية ، وجواز الوضوء والغسل في القسمين الأخيرين على طبق القاعدة ، هذا.