ثم لو شككنا في ذلك ولم ندر أن المراد بماء الورد في الرواية هل هو خصوص القسمين المطلقين ، أو الأعم منهما ومن قسم المضاف فنقول : إن مقتضى إطلاق الرواية جواز الغسل والوضوء بجميع الأقسام الثلاثة المتقدمة مطلقها ومضافها ، ومقتضى إطلاق الآية المباركة ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ) وغيرها مما دلّ على انحصار الطهور بالماء والتراب وجوب الوضوء والغسل بالماء وبالتيمم على تقدير فقدانه مطلقاً ، سواء أكان متمكناً من القسم المضاف أم لم يكن ، فلا يكون وجوده مانعاً عن التيمم بحسب إطلاق الآية المباركة ، والنسبة بينهما عموم من وجه فيتعارضان في مادة اجتماعهما وهي ما إذا لم يكن هناك ماء وكان متمكناً من القسم المضاف ، فإنّها مورد للتيمّم بحسب إطلاق الآية المباركة ، ومورد للوضوء حسب ما يقتضيه إطلاق الرواية وبذلك تسقط الرواية عن الاعتبار ويحكم بوجوب التيمم مع وجود القسم المضاف وذلك لما بيناه في محله من أن الرواية إذا كانت معارضة للكتاب بالعموم من وجه فمقتضى القاعدة سقوطها عن الاعتبار لمخالفتها للكتاب في مادة الاجتماع وهذه المناقشة هي الصحيحة.
وربّما يجاب عن الاستدلال بالرواية بوجه آخر وهو : أن لفظة « ورد » يحتمل أن تكون بكسر الواو وسكون الراء ، وماء الورد بمعنى الماء الذي ترد عليه الدواب وغيرها للشراب ، ولعلّ السائل كان في ذهنه أن مثله مما تبول فيه الدواب ، ولأجله سأله عن حكم الوضوء والغسل به ، وعليه فالرواية مجملة لا يمكن الاستدلال بها على شيء.
ويدفعه : ان هذا الاحتمال ساقط لا يعتنى به ، لأنّه إنّما يتجه فيما لو كانت الأخبار الواجب اتباعها مكتوبة في كتاب وواصلة إلى أرباب الحديث بالكتابة ، فبما أنّها ليست معرّبة ومشكّلة يمكن أن يتطرق عليها احتمال الكسر والفتح وغيرهما من الاحتمالات ، ولكن الأمر ليس كذلك فإنّهم أخذوا الأخبار عن رواتها الموثوق بهم بالقراءة ، ووصلت إليهم سماعاً عن سماع وقراءةً بعد قراءة على الكيفية التي وصلت إليهم ، وحيث إن راوي هذه الرواية وهو الصّدوق قدسسره قد نقلها بفتح الواو حيث استدلّ بها على جواز الوضوء بالجلاّب فيجب اتباعه في نقله ، ولا يصغي معه إلى