الحياض ، أو لا بدّ في تطهيرها من نزول المطر بمقدار يمتزج به جميع أجزاء الماء المتنجس ، أو أن هناك قولاً وسطاً؟.
قد يقال : بكفاية القطرة الواحدة من المطر في تطهير المياه المتنجسة مستنداً إلى إطلاق المرسلة المتقدمة الدالّة على طهارة كل شيء رآه المطر ، وقد فرضنا أن المطر رأى الحوض المتنجس فيطهر ، لأن الكلام إنما هو في كفاية القطرة الواحدة فيما إذا صدق المطر على ما هو النازل من السماء حقيقة ، كما إذا نزل من السماء بمقدار يطلق عليه المطر عرفاً ووقعت قطرة منه على الحوض بنفسه أو بإطارة الريح.
ويدفعه : أن المرسلة مضافاً إلى ضعف سندها قاصرة الدلالة على المدعى ، لأن المطر في مفروض الكلام إنما رأى الحوض بمقدار قطرة ولم يرَ جميعه ، فان حال المياه من تلك الجهة حال بقية الأجسام فإذا وقعت قطرة منه على جسم كالخشب فهل يصدق أن المطر رأى الخشب بتمامه ، أو يقال إن المطر رآه بمقدار قطرة ، ومن هنا لا تجد من نفسك الحكم بطهارة الخشب بذلك كما لم يلتزم به الأصحاب لعدم إصابة المطر بتمام الخشب.
فالقول بكفاية القطرة الواحدة في تطهير المياه في جانب الإفراط ، كما أن القول باعتبار الامتزاج في جانب التفريط ، وقد أسلفنا دلالة صحيحتي هشام ومحمد بن إسماعيل بن بزيع على عدم اعتبار الامتزاج ، فأوسط الأقوال أن يقال إن ماء المطر إذا أصاب السطح الظاهر من الحوض بتمامه أو بمعظمه على وجه يصح عرفاً أن يقال : ماء المطر موجود على سطح الحوض كفى هذا في الحكم بطهارة الجميع ، لأن السطح الفوقاني من الماء قد طهر بما فيه من المطر ، وإذا طهر السطح الفوقاني منه طهرت الطبقات المتأخرة أيضاً لأن لها مادّة ، وقد عرفت أن المراد بالمادّة مطلق الماء العاصم ومنه ماء المطر. نعم ، مجرد وقوع قطرة أو قطرات على الحوض لا يكفي في طهارة الجميع ، لاستهلاكها في ماء الحوض عرفاً ، ومن هنا اشترطنا نزول المطر بمقدار لا يستهلك في الماء المتنجس ليصح أن يقال لدى العرف ماء المطر موجود على السطح الظاهر من الحوض.