الانتفاع به ، وهو معنى الإفساد.
وأمّا الطائفة الثالثة : وهي الأخبار الواردة في لزوم التباعد بين البئر والبالوعة فهي أيضاً على طائفتين : فمنها ما لا تعرّض فيه لنجاسة ماء البئر بعد كون البالوعة قريبة منها ، وإنما اشتمل على لزوم التباعد بينهما بمقدار ثلاثة أذرع أو أكثر. ومنها ما اشتمل على نجاسة البئر أيضاً بتقاربها من البالوعة.
أمّا الطائفة الأُولى : فهي لا تدل على نجاسة ماء البئر بالملاقاة وإنما اعتبر التباعد بينه وبين البالوعة تحفظاً على نظافة مائها وذلك بقرينية طائفتين من الأخبار إحداهما ما دلّ على عدم انفعال البئر بالملاقاة. وثانيتهما : ما دلّ على أن تقارب البالوعة من البئر لا يوجب كراهة الوضوء ولا الشرب من مائها ، وهي صحيحة محمد بن القاسم عن أبي الحسن عليهالسلام « في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمس أذرع ، أقل أو أكثر ، يتوضأ منها؟ قال : ليس يكره من قرب ولا بعد يتوضأ منها ويغتسل ما لم يتغيّر الماء » (١) فهاتان الطائفتان قرينتان على حمل هذه الطائفة من أخبار تباعد البئر والبالوعة على التنزه من الأقذار ، والتحفظ على النظافة التي ندب إليها في الشرع واهتم بها الشارع المقدس ، ولأجل هذا الاهتمام حكم بلزوم التباعد بينهما بمقدار ثلاثة أذرع أو سبعة حيث إن عروق الأرض متصلة والقذارة تسري من بعضها إلى بعض ، فالاستدلال بهذه الطائفة على انفعال البئر ساقط.
وأمّا الطائفة الثانية : فهي صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم ، وأبي بصير كلهم قالوا : « قلنا له : بئر يُتوضأ منها يجري البول قريباً منها أينجّسها؟ قال : فقال : إن كانت البئر في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها فكان بينهما قدر ثلاثة أذرع ، أو أربعة أذرع لم ينجّس ذلك شيء وإن كان أقل من ذلك نجّسها » (٢) وهي كما ترى صريحة في نجاسة البئر بتقاربها من البالوعة فيما إذا لم يكن بينهما قدر ثلاث أذرع أو أربعة.
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧١ / أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٤ ، وص ٢٠٠ ب ٢٤ ح ٧.
(٢) الوسائل ١ : ١٩٧ / أبواب الماء المطلق ب ٢٤ ح ١.