مدركه ، والمستند في ذلك هو السيرة العقلائية القطعية ، ولعلّ منشأها أن ذا اليد أعرف بطهارة ما في يده وأدرى بنجاسته ، هذا. على أنه يمكن أن يستدل على اعتبار إخباره بالطهارة بما علل به جواز الشهادة استناداً إلى اليد من أنه « لو لا ذلك لما بقي للمسلمين سوق » (١) وتقريب ذلك : أنّا نعلم بنجاسة جملة من الأشياء بالوجدان كنجاسة يد زيد ولباسه ولا سيما في الذبائح ، للعلم القطعي بنجاستها بالدم الذي يخرج عنها بعد ذبحها ، فلو لم نعتمد على إخبار ذي اليد بطهارة تلك الأشياء بعد تنجسها للزم الحكم بنجاسة أكثر الأشياء وهو يوجب اختلال النظام ، ومعه لا يبقى للمسلمين سوق.
وأمّا إخباره بالنجاسة فيمكن أن يستدل على اعتباره بالأخبار الناهية عن بيع الدهن المتنجس للمشتري إلاّ مع الاعلام بنجاسته ليستصبح به تحت السماء (٢) لأنها دلت دلالة تامّة على أن إخبار البائع وهو ذو اليد بنجاسة المبيع حجة على المشتري ومعتبر في حقه ، ومعه لا يجوز للمشتري أكل الدهن المتنجس ، ولا غيره من التصرّفات المتوقفة على طهارته التي كانت جائزة في حقه لولا إعلام البائع بنجاسته فلو لم يكن إخباره حجة على المشتري لكان إخباره بها كعدمه ولم يكن لحرمة استعماله فيما يشترط فيه الطهارة وجه ، ولم أرَ من استدل بهذه الأخبار على اعتبار قول ذي اليد ، مع أنها هي التي ينبغي أن يعتمد عليها في المقام ، وأمّا غيرها من الأخبار التي استدل بها على اعتباره فلا يخلو عن قصور في سندها أو في دلالتها.
__________________
(١) وهو رواية حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « قال له رجل : إذا رأيت شيئاً في يدي رجل يجوز لي أن أشهد أنه له؟ قال : نعم ، قال الرجل : أشهد أنه في يده ولا أشهد أنه له فلعلّه لغيره ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أفيحل الشراء منه؟ قال : نعم ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : فلعلّه لغيره ، فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكاً لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه ، ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك ثم قال أبو عبد الله عليهالسلام لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق » المروية في الوسائل ٢٧ : ٢٩٢ / أبواب كيفية الحكم ب ٢٥ ح ٢.
(٢) ففي صحيحة معاوية بن وهب : « والزيت يستصبح به ». وفي موثقته : « وبينه لمن اشتراه ليستصبح به ». وفي بعض الروايات : « فأسرج به ». وفي بعضها الآخر : « فيبتاع للسراج ». المرويات في الوسائل ١٧ : ٩٧ / أبواب ما يكتسب به ب ٦ ح ١ ، ٤ ، ٣ ، ٥.