وإن أُريد بالاعتماد عمل القميين والمشايخ على طبقها ، فالمقدار الثابت إنما هو عمل الصدوقين والشيخين بها ، ولم يثبت عمل غيرهم بالرواية حتى أن سعد بن عبد الله راوي هذا الحديث لم يظهر منه العمل بها وإنما اكتفى بنقلها ، وعمل هؤلاء الأربعة لا يوجب الانجبار في قبال غيرهم من الأصحاب من قدمائهم ومتأخريهم حيث إنهم ذهبوا إلى خلافها.
ونسب العلاّمة قدسسره إلى مشهور المتقدمين والمتأخرين القول بجواز الاغتسال من الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر (١) ، وفيهم السيد المرتضى (٢) والشهيدان (٣) والمحقق (٤) ونفس العلاّمة (٥) وغيرهم من أجلاء الأصحاب ومحققيهم فماذا يفيد عمل أربعة من الأصحاب في مقابل عمل هؤلاء الأكابر. وعلى الجملة أن المقام ليس من صغريات كبرى انجبار ضعف الرواية بعمل المشهور على تقدير صحة الكبرى في نفسها.
وأمّا ثانياً : فلأنه لم يعلم أن عمل الصدوقين بالرواية لأجل توثيقهما لأحمد بن هلال ، لأنّا نحتمل لو لم نظن أن يكون ذلك ناشئاً عن بنائهما على حجية كل رواية رواها إمامي لم يظهر منه فسق ، أعني العمل بأصالة العدالة في كل مسلم إمامي ، وقد اعتقدا أن الرجل إمامي لأن سعد بن عبد الله لا يروي عن غير الإمامي ، وهذا هو الذي احتملناه فيما ذكره الصدوق قدسسره في صدر كتابه من لا يحضره الفقيه من أني إنما أورد في هذا الكتاب ما هو حجة بيني وبين ربي (٦) ، وفسرناه بأنه التزم أن يورد في كتابه ما رواه كل إمامي لم يظهر منه فسق ، لأنه الحجة على عقيدته.
__________________
(١) المنتهي ١ : ١٣٣.
(٢) جمل العلم والعمل : ٢٢.
(٣) الذكرى : ١٢ السطر ٥ ، البيان : ١٠٢ ، الروض : ١٥٨ السطر ٧.
(٤) المعتبر ١ : ٨٩.
(٥) المختلف ١ : ٢٣٣ ، التذكرة ١ : ٣٥.
(٦) الفقيه ١ : ٣.