الغسل بالماء في الموارد المنصوصة المتقدمة فيثبت في جميعها ، لعدم القول بالفصل حتى من السيد قدسسره لأن من قال باعتبار الغسل بالماء في الموارد المتقدمة قال به في جميع الموارد ، وكيف كان فلا نعتمد على شيء من المطلقات الواردة في المقام.
الوجه الثاني : الإجماع ، حيث استدلّ به السيد المرتضى قدسسره على كفاية الغسل بالمضاف في تطهير المتنجسات ، وهذا الإجماع مضافاً إلى أنّه مما لا يوافقه فيه أحد من الأصحاب غير الشيخ المفيد قدسسره إجماع على أمر كبروي وهو أن الأصل في كل ما لم يدلّ دليل على حرمته أو نجاسته هو الحلية والطهارة ، وقد طبقها هو قدسسره على المقام بدعوى أنّه لم يرد دليل على المنع من تطهير المتنجس بالمضاف ، فهو أمر جائز وحلال والمغسول محكوم بالطهارة ، وصدور أمثال ذلك منه ( طاب ثراه ) في المسائل الفقهية غير عزيز.
ثم إن الإجماع الذي ادعاه على الكبرى المتقدمة وإن كان كما أفاده تاماً إلاّ أن الاشكال كلّه في تطبيقها على المقام ، وذلك لأنّا إن قلنا بما سلكه المشهور من جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية ، فإن المورد من موارد استصحاب النجاسة بعد غسله بالمضاف ، ومعه لا تصل النوبة إلى قاعدة الطهارة والحلية وهو ظاهر. نعم ، إذا بنينا على ما سلكناه من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية لمعارضته دائماً باستصحاب عدم الجعل على ما حققناه في محلّه فلا مانع من تطبيق الكبرى الإجماعية على المقام من تلك الناحية ، إذ لا استصحاب هناك حتى يمنع عن جريان قاعدة الطهارة بعد غسل المتنجس بالمضاف ، أو عن جريان البراءة عن حرمة أكله أو شربه ، كما أن مقتضى البراءة جواز الصلاة فيه ، بناءً على ما حققناه في محلّه من جريان البراءة عند دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، وبها ندفع اشتراط الغسل بالماء إلاّ أنّا ندعي قيام الدليل الاجتهادي على بقاء النجاسة بعد الغسل بالمضاف ، وهو الأخبار المتقدمة الواردة في مقامات مختلفة ، لأنّها دلّت على تقييد إطلاقات الغسل بالماء ، وكيف كان فلا تنطبق الكبرى الإجماعية على المقام.
الوجه الثالث : أن الغرض من وجوب الغسل في المتنجسات ليس إلاّ إزالة النجاسة عن المحل ، والإزالة كما تتحقق بالغسل بالماء كذلك تحصل بالغسل بالمضاف