فلا تبقى نجاسة على بدنه حين الاغتسال بعيد غايته. وكذلك الأخبار المفصلة بين الكر والقليل في نجاسة الماء الذي اغتسل فيه الجنب (١) إذ لو لم تكن في بدنه نجاسة لم يكن وجه لنجاسة الماء باغتساله فيه مطلقاً ، فالتفصيل بين القليل والكثير يدل على أن المراد بالجنب خصوص الجنب الذي كانت في بدنه نجاسة ، ولذا فصّل في نجاسة الماء بين صورتي قلة الماء وكثرته.
وأمّا القرينة الداخلية فهي قوله عليهالسلام في ذيل الرواية « وأمّا الذي يتوضأ به الرجل فيغسل به وجهه ويده في شيء نظيف فلا بأس ... » حيث دل على أن المناط في جواز الوضوء والغسل بالماء المستعمل نظافته ونجاسته ، وأن حكمه بعدم الجواز فيما غسل به الثوب أو اغتسل به من الجنابة إنما هو في صورة نجاسة الثوب وبدن الجنب الموجبة لنجاسة الماء الملاقي لشيء منهما ، وأمّا إذا كان الماء طاهراً لعدم نجاسة الثوب وبدن الجنب فلا مانع من الاغتسال والتوضؤ به ، فلا إطلاق في الرواية حتى يدل على عدم جواز استعمال الماء المستعمل في غسل الجنابة أو غسل الثياب في رفع الحدث مطلقاً حتى فيما إذا لم يكن الثوب أو بدن الجنب متنجساً.
نعم ، هذه الرواية على تقدير تماميتها سنداً ودلالة تقتضي عدم جواز رفع الحدث بالماء المستعمل مطلقاً سواء استعمل في رفع الجنابة أم في رفع غيرها من الأحداث وهذا بخلاف سائر الأخبار لأنها على تقدير تماميتها لا تدل إلاّ على عدم جواز رفع الحدث بخصوص الماء المستعمل في الجنابة دون غيرها. والتعدي إلى المستعمل في غير الجنابة من الأحداث يحتاج إلى ثبوت الملازمة بين الأمرين وإثباتها مشكل جدّاً ودعوى الإجماع على ذلك أشكل.
__________________
(١) كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام « وسئل عن الماء تبول فيه الدواب ، وتلغ فيه الكلاب ، ويغتسل فيه الجنب ، قال : إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء ». وصحيحة صفوان بن مهران الجمال قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الحياض التي ما بين مكة إلى المدينة تردها السباع ، وتلغ فيها الكلاب ، وتشرب منها الحمير ، ويغتسل فيها الجنب ، ويتوضأ منها ، قال : وكم قدر الماء؟ قال : إلى نصف الساق ، وإلى الركبة فقال : توضأ منه ». وغير ذلك من الأخبار المروية في الوسائل ١ : ١٥٨ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١ ، ١٢.