ويرجع الماء فيه فان ذلك يجزيه » (١).
والوجه في دلالتها قوله عليهالسلام « فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه ... » فإنّه صريح في جواز رجوع الغسالة إلى الماء وجواز رفع الحدث ثانياً بالماء المستعمل في غسل الجنابة.
هذا وقد يبدو للنظر شبه مناقضة في الحديث ، حيث إنه عليهالسلام فرض الماء قليلاً لا يكفيه لغسله ثم ذكر أنه لا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه.
ويدفعه : أن المراد من عدم كفاية الماء لغسله هو عدم كفايته للغسل المتعارف وهو صبّ الماء على البدن واستيعابه لتمام البدن بنفسه ، والمراد بالاغتسال في قوله « لا عليه أن يغتسل ... » وهو الاغتسال على نحو آخر بأن يصب الماء على بدنه قليلاً ويوصله إلى تمام بدنه بالمسح (٢).
وقد يقال باختصاص الصحيحة بصورة الاضطرار ، لقول السائل في صدرها « إذا كان لا يجد غيره » وعليه فلا يجوز الاغتسال بالماء المستعمل في رفع الحدث في غير صورة الاضطرار ووجدان ماء آخر غيره.
ويندفع ذلك أوّلاً : بأن الصحيحة إن اختصت بصورة الاضطرار فصحيحة ابن مسكان المتقدمة أيضاً تختص بها ، وهي التي عارضناها بصحيحة علي بن جعفر المتقدمة ، والوجه في ذلك : أن المفروض في تلك الصحيحة عدم تمكن الرجل من الاغتسال بماء آخر ولا من ذلك الماء بوجه ، وليس معه إناء ليأخذ به الماء ويغتسل في مكان بعيد كي لا ترجع غسالته إلى مركز الماء ، فهو مضطر من الاغتسال بالماء في موضع قريب ترجع غسالته إليه فهما متعارضتان وواردتان في صورة الاضطرار ، وقد
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢١٦ / أبواب الماء المضاف ب ١٠ ح ١.
(٢) كما انّه لا تنافي بين قوله عليهالسلام : فإن خشي أن لا يكفيه ، وقوله غسل رأسه ثلاث مرات ، لأن المراد من خوف عدم كفايته هو خوف عدم كفايته مشتملاً على بقية مندوبات الغسل أعني غسل رأسه ثلاثاً وبدنه مرتين ، ومعناه أنّه إذا خشي عدم كفاية الماء لذلك فيكتفي بغسل رأسه ثلاثاً فلا يغسل بدنه مرتين.