البيضة لا يدري أنها لدجاجته أو لدجاجة غيره أو الثمرة لشجرته أو لشجرة غيره أو الصوف لغنمه أو لغنم غيره ، إلى غير ذلك من الأمثلة ، وفي هذه الصورة يجري استصحاب عدم دخوله في ملكه بسبب من الأسباب ، فإن الملكية إنما تتحقق بأسبابها وهي مشكوكة التحقق في المقام والأصل عدم تحققها ، ولا يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب عدم دخوله في ملك الغير بأسبابه ، فإنّه لا يثبت به دخوله في ملك نفسه.
هذا ثم لو سلمنا جريان كلا الأصلين وتساقطهما بالمعارضة ، فلنا أن نجري الأصل في النتيجة المترتبة عليهما ، لأنه إذا شككنا في صحة بيعه حينئذٍ من جهة تعارض الأصلين نستصحب عدم انتقاله إلى المشتري ، وهو معنى فساد البيع. وعلى الجملة لا يجوز في هذه الصورة شيء من التصرفات المتوقفة على الملك ، وأمّا سائر التصرفات من أكله وشربه وأمثالهما فلا إشكال في جريان أصالة الحل والحكم بجوازها ، لأنها مشكوكة الحرمة حينئذ وكل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام.
الثالث : ما إذا كان المال ملكاً لأحد سابقاً ثم علم بانتقاله إما إليه أو إلى غيره ، وفي هذه الصورة أيضاً لا يمكن ترتيب شيء من الآثار المتوقفة على الملك ، لاستصحاب عدم دخول المال في ملكه بأسبابه ، لأن الملك يتوقف على سبب لا محالة وهو أمر حادث مشكوك والأصل عدمه ، ولا يعارضه استصحاب عدم دخوله في ملك الغير لأنه لا يثبت دخوله في ملك نفسه ، ثم على تقدير جريانهما وتساقطهما بالمعارضة لا مانع من الرجوع إلى الأصل الجاري في النتيجة أعني أصالة عدم انتقاله إلى المشتري إذا شككنا في صحة بيعه كما ذكرناه في الصورة المتقدمة.
هذا على أنّا لو قلنا بجريان الاستصحاب في القسم الثالث من الكلي لم يكن مانع من استصحاب ملكية الغير في المقام ، لأن ذلك الكلي كان متحققاً في ضمن فرد أعني المالك السابق وهو قد ارتفع قطعاً ، ونشك في قيام غيره مقامه فنستصحب كلي ملك الغير ، وبهذا يثبت عدم كونه ملكاً له ، إلاّ أنّا لا نقول بالاستصحاب في القسم الثالث من الكلي.
وأمّا بالإضافة إلى سائر التصرفات فهل تجري فيها أصالة الحل؟