واختصاصه به جار في المقام أيضاً.
وأمّا الشق الثاني : فقد يقال بطهارة الملاقي فيه أيضاً ، ويظهر ذلك من بعض كلمات صاحب الكفاية قدسسره حيث ذكر أن العبرة بالكاشف دون المنكشف ، وبما أن العلم الإجمالي كان متقدماً على حصول العلم بالملاقاة فقد تنجزت النجاسة بذلك في الطرفين وتساقطت الأُصول قبل حدوث العلم بالملاقاة ، وعليه فلا يترتب على العلم بها إلاّ احتمال حدوث نجاسة جديدة ، والأصل عدمها وبذلك يفرق بين صورتي تقدم العلم بالملاقاة على العلم الإجمالي وتأخره عنه.
إلاّ أن هذا الكلام بمعزل عن التحقيق ، والسر في ذلك أن أي منجّز عقلي أو شرعي إنما يترتب عليه التنجيز ما دام باقياً ففي زمان حدوثه يترتب عليه التنجيز بحسب الحدوث فقط ، ولا يبقى أثره وهو التنجّز بعد زواله وانعدامه ، وعلى هذا بنينا انحلال العلم الإجمالي بوجود واجبات ومحرمات في الشريعة المقدسة بالظفر بواسطة الأمارات على جملة من الأحكام لا يقصر عددها عن المقدار المعلوم بالإجمال ، حيث قلنا إن التكليف فيما ظفرنا به من الأحكام متيقن الثبوت ، وفيما عداه مشكوك بالشك البدوي يرجع فيه إلى البراءة ، لارتفاع أثر العلم الإجمالي وهو التنجز بانعدامه.
وعلى الجملة أن العلم الإجمالي لا يزيد عن العلم التفصيلي بشيء ، فكما إذا علمنا بنجاسة شيء تفصيلاً ثم تبدل إلى الشك الساري يرجع إلى مقتضيات الأُصول ، ولا يمكن أن يقال إن النجاسة متنجزة بحدوث العلم التفصيلي ولا يرتفع أثره بعد ارتفاعه لوضوح أنه إنما يمنع عن جريان الأُصول ما دام باقياً لا مع زواله وانعدامه ، فكذلك العلم الإجمالي لا يترتب عليه أثر بعد انعدامه ، وفي المقام وإن حصل العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين ابتداء إلاّ أنّه يرتفع بعد العلم بالملاقاة المقارنة لحدوث النجاسة ويوجد علم إجمالي آخر متعلق بنجاسة الملاقي والملاقى أو الطرف الآخر ومقتضى ذلك وجوب الاجتناب عن كل واحد من الملاقي والملاقى.
هذا تمام الكلام في صور ملاقي الشبهة المحصورة والغالب منها هو الصورة الأُولى وقد مرّ أن الملاقي فيها محكوم بالطهارة.