في الحدائق إلاّ أنه منع عن حمل أخبار النجاسة على التقية نظراً إلى أن الرواية ما لم تبتل بمعارض أقوى لم يجز حملها على التقية ، ولا معارض لأخبار النجاسة في المقام (١).
وما أفاده وإن كان صحيحاً في نفسه إلاّ أنه غير منطبق على المقام ، لقيام سيرة الأصحاب وعلمائنا الأقدمين على طهارتها ، وهي التي دعتنا إلى حمل أخبار النجاسة على التقية ، وبهذا اعتمدنا في الحكم بعدم وجوب الإقامة في الصلاة ، لأن الأخبار وإن كانت تقتضي وجوبها إلاّ أن سيرة أصحاب الأئمة عليهمالسلام وعلمائنا المتقدمين تكشف عن عدم وجوبها في الصلاة حيث إنها لو كانت واجبة لظهر ، ولعدّ من الواضحات والضروريات ، لكثرة الابتلاء بها في كل يوم ، ونفس عدم ظهور الحكم في أمثالها يكشف كشفاً قطعياً عن عدمه.
__________________
الحنفي شرح البخاري ج ٣ ص ١٥٤ اختلف في الأبوال فعند أبي حنيفة والشافعي وأبي يوسف وأبي ثور وآخرين كثيرين الأبوال كلها نجسة إلاّ ما عفي عنه وقال أبو داود بن علية الأبوال كلها طاهرة من كل حيوان ولو غير مأكول اللحم عدا أبوال الإنسان. وفي إرشاد الساري للقسطلاني شرح البخاري ج ١ ص ٣٠٠ ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أن الأبوال كلّها نجسة إلاّ ما عفي عنه وفي فتح الباري لابن حجر شرح البخاري ج ١ ص ٣٣٨ باب أبوال الإبل والدواب والغنم ذهب الشافعي والجمهور إلى القول بنجاسة الأبوال والأرواث كلّها من مأكول اللّحم وغيره وفي البداية لابن رشد المالكي ج ١ ص ٨٢ اختلفوا في نجاسة بول غير الآدمي من الحيوان فذهب أبو حنيفة والشافعي إلى انّها كلها نجسة وقال قوم بطهارتها وقال آخرون بتبعية الأبوال والأرواث للحوم فما كان منها محرم الأكل كانت أبواله وأرواثه نجسة وما كان مأكول اللحم فأبوالها وأرواثها طاهرة وبه قال مالك وفي البدائع ج ٥ ص ٣٧ في كتاب الذبائح لا تحل البغال والحمير عند عامة العلماء ويكره لحم الخيل عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يكره وبه أخذ الشافعي وفي مجمع الأنهر لشيخ زاده الحنفي ج ٣ ص ٥١٣ في الذبائح يحرم أكل لحوم الحمر الأهلية والبغال لأنه متولِّد من الحمار فان كانت امّه بقرة فلا يؤكل بلا خلاف وإن كانت امه فرساً فعلى الخلاف في أكل لحم الفرس. فعلى هذا بول الحمير والبغال والفرس نجس لحرمة أكل لحمها والأخير وإن كان مكروهاً عند أبي حنيفة إلاّ أنه يرى نجاسة الأبوال كلها حسب كلماتهم المتقدِّمة.
(١) الحدائق ٥ : ٢٥.