كان فاضلاً ورعاً ممدوحاً غايته إلاّ أنه لم يسند رواياته في ذلك الكتاب فرواياته ساقطة عن الاعتبار لإرسالها.
وثانياً : أن الرواية إنما دلّت على عدم جواز بيع النجس معللة بحرمة الانتفاع منه حيث قال : « لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه ... » ومقتضى هذا التعليل دوران حرمة بيع النجس مدار حرمة الانتفاع منه ، وبما أن الأبوال مما يجوز الانتفاع به في التسميد والتداوي واستخراج الغازات منها كما قيل وغير ذلك كما يأتي تحقيقه في المسألة الثالثة فلا مناص من الالتزام بجواز بيعها.
الرابع : ما رواه الشيخ في خلافه (١) والعلاّمة في بعض كتبه من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « إن الله إذا حرّم شيئاً حرم ثمنه ». وحيث إن الأبوال محرّمة من جميع الجهات أو في أكثر منافعها بحيث يصح أن يقال إن الله حرّمها على وجه الإطلاق فيكون ثمنها أيضاً محرماً. وهذه الرواية وإن كانت موجودة في بعض كتب الشيخ والعلاّمة قدسسرهما إلاّ أنّا لم نقف على مأخذها بعد التتبع الكثير في كتب أحاديثنا ، ولا في كتب العامّة. نعم عثرنا عليها في مسند أحمد حيث نقلها في موضع من كتابه عن ابن عباس في ذيل رواية الشحوم (٢). ولكن الظاهر أن الرواية غير ما نحن بصدده لاشتمالها على كلمة « أكل » إلاّ أنها سقطت فيما نقله أحمد في ذلك المورد لأنه بنفسه نقلها في مواضع اخرى (٣) من كتابه بإضافة لفظة « أكل » وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه. كما نقلها غيره كذلك (٤) مع أن الراوي عن ابن عباس في جميعها بركة المكنّى بأبي الوليد والراوي عنه واحد وهو خالد.
__________________
(١) الخلاف ٣ : ١٨٤ / ٣٠٨ ، وص ١٨٥ / ٣١٠.
(٢) مسند أحمد ج ١ ص ٣٢٢ عن خالد عن بركة أبي الوليد عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لعن الله اليهود حرم عليهم الشحوم فباعوها فأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم شيئاً حرم عليهم ثمنه.
(٣) كما قدّمنا نقله في تعليقه ص ٣٩٦.
(٤) كما قدّمنا نقله عن سنن البيهقي ، وعن سنن أبي داود سليمان بن أشعث السجستاني في ص ٣٩٦.