مصاديق الماء عرفاً ، أو لا ينطبق عليه هذا المفهوم وإن لم يطلق عليه الحليب أيضاً فالشبهة مفهومية حكمية ، وقد تعرضنا لتفصيلها في محلّه ولا نعيد وحاصله : أن الاستصحاب لا يجري في الشبهات المفهومية في شيء ، أمّا الاستصحاب الحكمي فلأجل الشكّ في بقاء موضوعه وارتفاعه ، وأمّا الاستصحاب الموضوعي فلأنه أيضاً ممنوع إذ لا شكّ لنا في الحقيقة في شيء ، لأن الأعدام المنقلبة إلى الوجود كلّها والوجودات الصائرة إلى العدم بأجمعها معلومة محرزة عندنا ، ولا نشكّ في شيء منهما ومعه ينغلق باب الاستصحاب لا محالة لأنّه متقوّم بالشكّ في البقاء. وقد مثّلنا له في محلّه بالشكّ في الغروب ، كما إذا لم ندر أنّه هو استتار قرص الشمس أو ذهاب الحمرة عن قمة الرأس ، فاستصحاب وجوب الصوم أو الصلاة لا يجري لأجل الشكّ في بقاء موضوعه ، والموضوع أيضاً غير قابل للاستصحاب إذ لا شكّ لنا في شيء ، فإن غيبوبة القرص مقطوعة الوجود وذهاب الحمرة مقطوع العدم ، فلا شكّ في أمثال المقام إلاّ في مجرد الوضع والتسمية ، وأن اللفظ هل وضع على مفهوم يعم استتار القرص أو لا؟
هذا وإن شئت قلنا : إن استصحاب الحكم لا يجري في الشبهات المفهومية ، لأنّه من الشبهة المصداقية لدليل حرمة نقض اليقين بالشكّ ، وذلك لأجل الشكّ في بقاء موضوع الحكم وارتفاعه ، فلا ندري أن رفع اليد عن الحكم في ظرف الشكّ نقض لليقين بالشكّ ، كما إذا كان الموضوع باقياً بحاله ، أو أنّه ليس من نقض اليقين بالشكّ كما إذا كان الموضوع مرتفعاً وكان الموجود موضوعاً آخر غير الموضوع المحكوم بذلك الحكم ، فلم يحرز اتحاد القضيتين : المتيقنة والمشكوكة ، وهو معتبر في جريان الاستصحاب.
واستصحاب الموضوع أيضاً لا يجري في تلك الشبهات ، لعدم اشتماله على بعض أركانه وهو الشكّ ، فلا شكّ إلاّ في مجرد التسمية ، وعليه فلا بدّ من مراجعة سائر الأُصول ، وهي تقتضي في المقام بقاء الحدث والخبث وعدم ارتفاعهما بما يشكّ في كونه ماء.
وأمّا انّه هل ينفعل بملاقاة النجاسة أو لا ينفعل ، وتجري فيه قاعدة الطهارة أو