الصوف من السخال إن جز والشعر والوبر والإنفحة والقرن وقال في ذيلها ولا يتعدّى إلى غيرها إن شاء الله. ومن الظاهر أن اللبن غير الخمسة المذكورة في الرواية. وهذه الوجوه بأجمعها ضعيفة.
أمّا الوجه الأول : فلأن قاعدة منجسية النجس ليست من القواعد العقلية غير القابلة للتخصيص ، وإنما هي من القواعد التعبدية وهي غير آبية عن التخصيص كما خصصناها في غير اللبن ، فاذا وردت رواية صحيحة على طهارة اللبن فلا محالة تكون موجبة لتخصيصها وليس في ذلك أي محذور.
وأمّا الوجه الثاني : فلأن الرواية ضعيفة جدّاً فان وهب بن وهب عامي وآية في الكذب بل قيل إنه أكذب البرية فلا يعتمد على روايته أو تحمل على التقية على تقدير صدورها لذهاب أكثر العامة إلى نجاسة اللبن والإنفحة وغيرهما مما يخرج من الميتة (١).
وأمّا الوجه الثالث : فلأنها ليست إلاّ رواية مطلقة فنقيدها بغير اللبن كما قيدناها بما دلّ على طهارة بقية المستثنيات. هذا على أنها أيضاً غير منقحة سنداً بل ومضطربة متناً ، وعليه فالقول بطهارة اللبن هو الأقوى.
والعجب من شيخنا الأنصاري قدسسره حيث إنه بعد ما استدلّ على طهارة اللّبن بما يقرب مما قدمناه آنفاً استقرب القول بنجاسة اللبن وقواه وحاصل ما أفاده في وجهه : أن رواية وهب وإن كانت ضعيفة إلاّ أنها منجبرة بمطابقتها للقاعدة المتسالم عليها أعني منجسية النجس وموافقة القاعدة جابرة لضعفها. وأمّا الروايات الواردة في طهارة اللبن وإن كانت بين صحيحة وموثقة إلاّ أنها مخالفة للقاعدة ، وطرح الأخبار الصحيحة المخالفة لأُصول المذهب وقواعده غير عزيز ، إلاّ أن تعضد بفتوى الأصحاب كما في الإنفحة أو بشهرة عظيمة توجب شذوذ المخالف ، وليس شيء من
__________________
(١) كالحنابلة والشافعية والمالكية حيث ذهبوا إلى نجاسة كل ما يخرج من الميتة سوى البيض فإن الأولين ذهبا إلى طهارته على تفصيل في ذلك ، وأمّا الحنفية فقد ذهبوا إلى طهارة كل ما يخرج من الميتة من لبن وانفحة وغيرهما مما كان طاهراً حال الحياة راجع ج ١ من الفقه على المذاهب الأربعة ص ١١ ١٥.