الجملة للميتة حكمان ضروريان في الفقه وعليه فاذا فرضنا أن الشارع نزّل شيئاً منزلة الميتة يترتب عليه كلا الحكمين المتقدمين ، لأنهما من الآثار الظاهرة للميتة وليسا من الآثار النادرة أو الأحكام الخفية في الشرع.
هذا وقد يقال : إن الميتة عبارة عن كل ما ذهب عنه روحه من دون فرق في ذلك بين نفس الحيوان وأجزائه ، فكما يقال : هذا حيوان ميت كذلك يصح أن يقال : هذه يد ميتة أو رجل كذلك. فلو تمت هذه الدعوى شملت أحكام الميتة للأجزاء المبانة من الحي لصدق أنها ميتة.
ولكنها بعيدة عن الأنظار العرفية وإن كانت موافقة للذوق وصحيحة بالنظر العقلي أيضاً ، إلاّ أن أجزاء الميتة ليست عند العرف كنفسها بل الميتة بنظرهم هو الحيوان الذي ذهب عنه روحه ، فشمول الميتة في مثل قوله « سألته عن البئر يقع فيها الميتة فقال ... » (١) وقوله عليهالسلام « لا تأكل في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيه الميتة » (٢) للأجزاء المبانة من الحي في غاية الإشكال ، فهذا الوجه غير تام.
والصحيح أن يقال : إن الأخبار الواردة في الصيد (٣) وفي قطع أليات الغنم (٤) قد دلّت على تنزيل الأجزاء المبانة من الحي منزلة الميتة ، ولا سيما بملاحظة تعليل الحكم
__________________
(١) كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام « عن البئر يقع فيها الميتة فقال : إن كان لها ريح نزح منها عشرون دلواً وإذا دخل الجنب البئر ينزح منها سبع دلاء ». المروية في الوسائل ١ : ١٩٥ / أبواب الماء المطلق ب ٢٢ ح ٢.
(٢) صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : « سألته عن آنية أهل الكتاب فقال : لا تأكل في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيه الميتة والدم ولحم الخنزير » المروية في الوسائل ٢٤ : ٢١١ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥٤ ح ٦.
(٣) كصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ما أخذت الحبالة فقطعت منه شيئاً فهو ميت ... » وغيرها من الأخبار المروية في الوسائل ٢٣ : ٣٧٦ / أبواب الصيد ب ٢٤ ح ٢ ، ٣.
(٤) كما رواه الصدوق بإسناده الصحيح عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال : « سأل رجل أبا عبد الله عليهالسلام وأنا عنده عن قطع أليات الغنم؟ فقال : لا بأس بقطعها إذا كنت تصلح بها مالك ، ثم قال : إن في كتاب علي عليهالسلام أن ما قطع منها ميت لا ينتفع به » وغيرها من الأخبار المروية في الوسائل ٢٤ : ٧١ / أبواب الذبائح ب ٣٠ ح ١ ، ٢ ، ٣.