ومنها : ما عن أبي بصير في حديث : « وكل شيء وقع في البئر ليس له دم مثل العقرب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس » (١) ومنها غير ذلك من الأخبار ، إلاّ أنهم اختلفوا في الوزغ بعد تسليم أنه مما لا نفس له ، ولكن هذا الخلاف غير راجع إلى ما قدمناه من كبرى طهارة الميتة مما لا نفس له ، وإنما هو مستند إلى الخلاف في طهارة الوزغ حال حياته ونجاسته ، والكبرى المسلمة تختص بحيوان محكوم بالطهارة حال حياته دون الحيوانات النجسة وإن لم يكن لها نفس سائلة ، وهذا نظير ما قدّمناه في الشعر والصوف وغيرهما مما لا تحله الحياة ، وذكرنا أنها طاهرة من كل حيوان ميت كان محكوماً بالطهارة في حياته دون ما كان نجساً.
وكيف كان فقد ذهب جماعة إلى نجاسة الوزغ وزادوا بذلك نجاسة على الأعيان النجسة. بل عن بعضهم نجاسة الثعلب والأرنب والفأرة أيضاً إلاّ أنّا نتكلم في خصوص الوزغ هنا بمناسبة عدم كونه ذا نفس سائلة فنقول :
نسب القول بنجاسة الوزغ إلى الشيخ (٢) والصّدوق (٣) وابن زهرة (٤) وسلار (٥) وغيرهم قدسسرهم واعتمدوا في ذلك على روايات ثلاث :
الاولى : ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الفأرة والوزغة تقع في البئر قال : ينزح منها ثلاث دلاء » (٦) بتقريب أن الأمر بالنزح ظاهر في وجوبه ووجوب النزح ظاهره الإرشاد إلى نجاسة الوزغ والفأرة لبعد كونه تعبداً صرفاً.
الثانية : رواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٨٥ / أبواب الماء المطلق ب ١٧ ح ١١.
(٢) النهاية : ٥٢.
(٣) حكى عنه في الحدائق ٥ : ٢٢٦ ، ويظهر من الفقيه ١ : ٨ / ١٠.
(٤) الغنية : ٤٩.
(٥) المراسم : ٥٦.
(٦) الوسائل ١ : ١٨٧ / أبواب الماء المطلق ب ١٩ ح ٢.