لا مانع من جريانها على مسلكنا. وكذا الحال في الرجوع إلى سائر الأُصول من استصحاب الحدث والخبث ، فإن حالها حال الصورة المتقدمة من هذه الجهات.
الصورة الرابعة : ما إذا شكّ في إطلاق المائع وإضافته من غير علم بحالته السابقة أو من غير وجود الحالة السابقة أصلاً ، وجريان الاستصحاب في هذه الصورة لإثبات النجاسة مبني على القول بجريان الأصل في الأعدام الأزلية كما بنينا عليه في محلّه وفاقاً لصاحب الكفاية قدسسره (١) وعليه فلا بدّ من الحكم بنجاسة المائع المشكوك بالملاقاة.
وذلك لأن مقتضى الأدلة المتقدمة أن المائعات كلّها يتنجس بالملاقاة وإنّما خرج عنها عنوان الكر من الماء ، فهناك عام قد خصص بعنوان وجودي والمفروض أنا أحرزنا وجود الكر خارجاً ، ولا ندري هل وجد معه الاتصاف بصفة المائية أيضاً أم لم يوجد معه ذاك الاتصاف؟ والأصل أنّه لم يتصف به ولم يوجد معه الاتصاف ، لأنّه قبل أن يوجد لم يكن متصفاً بالماء ، والاتصاف إنّما هو بعد خلقته لا قبلها ، فإن الاتصاف بالماء ليس قديماً بل هو أمر حادث مسبوق بالعدم بالضرورة فيستصحب عدم اتصافه به ، وأنّه الآن كما كان لا اتصافه بعدمه كما لا يخفى ، فإذا ثبت عدم اتصافه بعنوان المخصص وهو الماء الكر ، فيبقى المائع تحت عموم ما دلّ على انفعال المائعات بالملاقاة ، كما ذكرنا نظيره في الشكّ في قرشية المرأة وعدمها.
وأمّا إذا منعنا عن جريان الأصل في الأعدام الأزلية كما عليه شيخنا الأُستاذ قدسسره (٢) خلافاً لصاحب الكفاية وما اخترناه ، فلا مانع من الحكم بطهارة المائع المشكوك بقاعدة الطهارة أو استصحابها ، فإن المانع عنهما ليس إلاّ استصحاب عدم المائية المقتضي لإحراز موضوع النجاسة ، وقد فرضنا عدم جريانه ، وكم لجريان الأصل في الأعدام الأزلية من فوائد وثمرات في باب الطهارة ، وتأتي الإشارة إليها في مواردها إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٢٢٣.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٤٦٤.