بسوق المسلمين (١) وهو يقتضي تقييد ما دلّ على اعتبار مطلق السوق بأسواق المسلمين أن أدلة اعتباره ليست على نحو القضية الحقيقية بأن تدل على اعتبار كل ما وجد وصدق عليه أنه سوق ولو كان لغير المسلمين حتى يتوهّم أن سوقهم أمارة على وقوع التذكية على المشكوك دون شوارعهم وجاداتهم ، لدخالة السقف وخصوصيته في الاعتبار وذلك لأنه مقطوع الفساد ، وإنما الأدلة دلت على اعتباره على نحو القضية الخارجية لأن السوق في رواياته قد يراد به سوق الجبل وأُخرى سوق آخر خارجي ، وتلك الأسواق الخارجية بأجمعها سوق المسلمين ولا إطلاق في القضايا الخارجية حتى يتمسك بها في إسراء حكمها إلى سوق غير المسلمين ، فما توهمه بعضهم من اعتبار السوق مطلقاً ولو كان لغير المسلمين تمسكاً في ذلك بإطلاق رواياته مما لا مساغ له.
فتحصل أن الأمارية تختص بأسواق المسلمين وهي أمارة على يد المسلم ، ومعنى كونها أمارة على ذلك عدم لزوم الفحص عن حال البائعين فيها وعدم وجوب السؤال عن أنهم مسلمون أو كفار ، إذ لو وجب ذلك للغي اعتبار عنوان السوق وسقط عن كونه أمارة ، لأن بالفحص يظهر أن البائع مسلم أو غير مسلم ويد الأول أمارة على التذكية بلا خلاف دون يد الثاني فما معنى اعتبار السوق حينئذٍ ، مع كثرة الأخبار الواردة في اعتباره. ففي صحيحة الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الخفاف التي تباع في السوق؟ فقال : اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميتة بعينه » (٢).
وفي صحيحة أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : « سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكيه هي أم غير ذكية ، أيصلي فيها؟ فقال : نعم ، ليس عليكم المسألة ، إن أبا جعفر عليهالسلام كان يقول : إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ، إن الدين أوسع من ذلك » (٣) وفي صحيحته الأُخرى عن الرضا ( عليهالسلام )
__________________
(١) كما عن فضيل وزرارة ومحمد بن مسلم ، « أنهم سألوا أبا جعفر عليهالسلام عن شراء اللّحوم من الأسواق ولا يدرى ما صنع القصابون فقال : كل إذا كان ذلك في سوق المسلمين ولا تسأل عنه ». المروية في الوسائل ٢٤ : ٧٠ / أبواب الذبائح ب ٢٩ ح ١.
(٢) ، (٣) الوسائل ٣ : ٤٩٠ / أبواب النجاسات ب ٥٠ ح ٢ ، ٣.