من النجس لا يستلزم النجاسة قطعاً ولا كلام في ذلك.
وإنّما المهم بيان أن التغيّر المأخوذ في لسان الدليل هل هو طريق إلى كم خاص من النجس ، ليكون هذا الكم هو الموجب للانفعال وأن التغيّر بأحد الأوصاف طريق إليه ولا موضوعية له في الحكم بالانفعال حتى لا يدور الحكم مدار فعلية التغيّر وهو القول بكفاية التغيّر التقديري أو أن التغيّر بنفسه موضوع للحكم بالانفعال لا أنّه طريق ، وهذا لاختلاف النجاسات في التأثير ، فيمكن أن يكون مقدار خاص من دم مؤثراً في تغيّر الماء ، ولا يكون دم آخر بذلك المقدار مؤثراً فيه لشدّة الأوّل وضعف الثاني وغلظة أحدهما ورقّة الآخر هذا في اللون ، وكذلك الحال في غيره من الأوصاف ، فإن اللحوم مختلفة فبعضها يتسرع إليه النتن في زمان لا ينتن فيه بعضها الآخر مع تساويهما بحسب الكم والمقدار ، فيدور الحكم مدار فعلية التغيّر؟
الصحيح هو الثاني : لأن جعل التغيّر طريقاً إلى كم خاص من النجس وهو الموضوع للحكم بالانفعال إحالة إلى أمر مجهول ، إذ لا علم لنا بذلك الكم ، على أنّه خلاف ظاهر الأدلّة ، لظهورها في أن التغيّر بنفسه موضوع لا أنّه طريق إلى أمر آخر هو الموضوع للحكم بالانفعال ، إذ القضايا ظاهرة في الفعلية طراً. ومع هذا كلّه ربّما ينسب إلى بعض الأصحاب القول بكفاية التغيّر التقديري في الحكم بالانفعال.
وتفصيل الكلام في المقام : أن التقدير الذي نعبّر عنه بكلمة لو إما أن يكون في المقتضي كما إذا وقع في الكر مقدار من الدم الأصفر بحيث لو كان أحمر لأوجد التغيّر في الماء ، ففي هذه الصورة المقتضي للتغيّر قاصر في نفسه.
وإما أن يكون في الشرط ، كما إذا وقعت ميتة في الماء في أيام الشتاء بحيث لو كانت الملاقاة معه في الصيف تغيّر بها الماء ، فإن الحرارة توجب انفتاح خلل الميتة وفرجها فيخرج عنهما النتن وبه يفسد الماء ، كما أن البرودة توجب الانقباض وتسد الخلل فيمنع عن انتشار نتنها ، فالحرارة شرط في تغيّر الماء بالنتن وهو مفقود فالقصور في الشرط.
وإمّا أن يكون التقدير في المانع ، كما إذا صبّ مقدار من الصبغ الأحمر في الماء ثم