وأمّا من جهة الأدلّة الاجتهادية فقد استدلّ على طهارة المتغيّر الكثير بعد زوال تغيّره من قبل نفسه بوجوه :
منها : ما ورد من أن الماء إذا بلغ كراً لم يحمل خبثاً (١). فإنّه بعمومه يشمل الدفع والرفع كليهما فكما أنّه لا يحمل الخبث ويدفعه كذلك يرفعه إذا كان عليه خبث ، وإنّما خرجنا عن عمومه في زمان التغير خاصة للأدلّة الدالّة على نجاسة الماء المتغيّر ، فإذا زال عنه تغيّره فلا بدّ من الحكم بطهارته لأن المرجع في غير زمان التخصيص إلى عموم العام دون الاستصحاب ، إذ العموم والإطلاق يمنعان عن الاستصحاب بالبداهة كما بيّنّاه في بحث الأُصول وفي بحث الخيارات من كتاب المكاسب (٢).
والجواب عن ذلك بوجهين : فتارة بضعف سند الرواية ، وأُخرى بضعف دلالتها لأن ظاهر قوله عليهالسلام « لم يحمل » أنّه يدفع الخبث ولا يتحمّله إذا القي عليه لا أنّه يرفعه بعد تحميل الخبث عليه بوجه. ثم لو تنزلنا فلا أقل من إجمال الرواية لتساوى احتمالي شمولها للرفع وعدمه.
كذا قيل ولكنه قابل للمناقشة لأن « لم يحمل » بمعنى لا يتّصف وهو أعم من الرفع والدفع كما سيظهر وجهه عند التعرض لحكم الماء القليل المتنجس المتمم كراً إن شاء الله (٣).
ومنها : أن الحكم بالنجاسة إنّما أُنيط على عنوان المتغيّر شرعاً بحسب الحدوث
__________________
(١) المستدرك ١ : ١٩٨ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٦ عن عوالي اللئالي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ونسبه المحقق قدسسره في المعتبر [ ١ : ٥٢ ٥٣ ] إلى السيد والشيخ وقال : إنّا لم نروه مسنداً والذي رواه مرسلاً المرتضى والشيخ أبو جعفر وآحاد ممّن جاء بعده ، والخبر المرسل لا يعمل به. وكتب الحديث عن الأئمة عليهمالسلام خالية منه أصلاً. وفي سنن البيهقي ص ٢٦٠ المجلد ١ إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث « لم يحمل خبثاً » وكذا في سنن أبي داود كما قدّمنا في محلّه فراجع ص ٢٠٤.
(٢) مصباح الفقاهة ٦ : ٣٢٧.
(٣) في ص ٢٠٤.