بقوم دون قوم ، بل وفي بعض الأخبار أن الآية لو اختصت بقوم تموت بموت ذلك القوم (١) ، وفي رواية (٢) أن الإمام عليهالسلام طبّق قوله تعالى ( الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ) (٣) على أنفسهم وقال : إنها وردت في رحم آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد تكون في قرابتك ثم بيّن عليهالسلام أن مرادنا من ورود الآية في مورد أنّه مصداق وممّا ينطبق عليه تلك الآية ، لا أن الآية مختصة به. فهذه الشبهة أيضاً مندفعة فلا مانع من الاستدلال بها من تلك الجهات.
تزييف الاستدلال : ولكن الإنصاف أن الآيتين ممّا لا دلالة له على المطلوب والوجه في ذلك : أن الطهور والطهارة مما لم تثبت له حقيقة شرعية ولا متشرعية في زمان نزول الآيتين ، ولم يعلم أن المراد من الطهور هو المطهّر من النجاسات ولم يظهر أنّه بمعنى الطهارة المبحوث عنها في المقام ، ولعلّ المراد منها أن الله منّ عليكم بخلق الماء وجعله طاهراً عن الأوساخ المنفّرة ، ومطهّراً من الأقذار العرفية ، فإن الإنسان ليس كالحيوان بحيث لو لم يرَ الماء شهراً أو شهوراً متمادية لا يكون مورداً للتنفّر عرفاً ولا يستقذره العقلاء ، بل هو يحتاج في تنظيف بدنه ولباسه وأوانيه وغيرها إلى استعمال ماء طهور ، فهو طاهر في نفسه ومطهّر عن الأقذار وقد جعله الله تعالى كذلك من باب
__________________
(١) فروى العياشي في تفسيره [ ج ١ ص ١٠ ] بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام انّه قال : « القرآن نزل أثلاثاً ثلث فينا وفي أحبائنا ، وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا ، وثلث سنة ومثل ، ولو أن الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أُولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء ولكن القرآن يجري أوله على آخره » الحديث. رواه في الوافي المجلد التاسع في باب متى نزل القرآن وفيم نزل من أبواب القرآن وفضائله [ ص ١٧٦٩ ]. ونقل في مرآة الأنوار ص ٥ من الطبعة الحديثة مضمونه عن تفسير العياشي تارة وعن تفسير فرات بن إبراهيم اخرى. ونقل غير ذلك من الأخبار التي تدل على ما ذكرناه ، فليراجع.
(٢) وهي ما رواه في الكافي ٢ : ١٥٦ / ٢٨ عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ( الَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ) قال : نزلت في رحم آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد تكون في قرابتك ثم قال : فلا تكوننّ ممّن يقول للشيء إنّه في شيء واحد.
(٣) الرعد ١٣ : ٢١.