الوحي عليهمالسلام : التنبيه على الحالتين وكيفيّة حفظ النفس عن شرّهما وتسويل الشيطان عند عروضها ، فبيّن فيها خطر الشرّة بأنّه قد يبتدع الإنسان في هذه الحالة من نفسه أعمالاً وأوراداً وينسبها إلى الشرع بعنوانها الخاصّ ، مع أنّ العبادات توقيفيّة لا يجوز لأحدٍ الاقتراح فيها من نفسه ، فكلّ قولٍ أو فعلٍ يُنسب إلى الشرع فلا بدّ له من دليلٍ معتبر من آيةٍ أو روايةٍ معتبرةٍ ، وإلّا فيخرج عن الحقّ ، ويدخل تحت عنوان البدعة ، فيقع العامل في معصية البدعة عند طلب الطاعة. كما أنّه في الفتور يترك بعض ما فرضه الله تعالى أو كلّها ، وقد ينتهي إلى الكفر وهو خطر الفتور.
ففي النّصوص الواردة أنّه قال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألا إنّ لكلّ عبادةٍ شرّة ، ثمّ تصير إلى فترةٍ ، فمن كانت شرّة عبادته إلى سنّتي فقد اهتدى ، ومن خالف سنّتي فقد ضلّ أما إنّي أصلّي وأنام وأصوم وأفطر وأضحك وأبكي ، فمن رغب عن منهاجي وسنّتي فليس منّي (١) ، والشِرّة بالكسر فالتشديد : شدّة الرغبة والميل. كما ورد : أنّ لهذا القرآن شرّة ، ثمّ إنّ للنّاس فيه فترة ، وهذا إشارة إلى اختلاف الأزمنة في رغبة الناس وإقبالهم عليه كما في صدر الإسلام وآخر الزمان. وقوله : « إلى سنّتي » أي : كانت وفق سنّتي ومطابقةً لها من غير خروجٍ عن الطريق المستقيم.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : وأنّ هذا الدين متين ، فأوغلوا فيه برفقٍ ، ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربّك ، فإنّ المنبتّ لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع (٢) ، والمتين : صفة بمعنى : القويّ الشديد ، من : متن يمتن من باب : نصر ، أي : اشتدّ وصلب وقوي. وقد يوصف به المركوب إذا صعب ركوب متنه ، والكلام هنا تشبيه به لمشقّة القيام بشرائط الدين وأداء وظائفه. فاُمر الإنسان أن يدخل أبوابه مترفّقاً ويصعد مرقاه متدرّجاً حتّى
____________________________
١) الكافي : ج ٢ ، ص ٨٥ ـ وسائل الشيعة : ج ١ ، ص ٨٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢٠٩.
٢) بحار الأنوار : ج ٧١ ، ص ٢١٨.