والدفاع عنها والقتال مع من يزاحمهم فيها أو يريد غصبها ، إذ هي كما أنّها حقّ للمعصوم المتصدّي لها والمتلبّس بها فهي حقّ الله تعالىٰ عهده إليهم ، وأمانته التي أودعها عندهم ، وحقّ للناس فإنها مجعولة لأجلهم ولهدايتهم وإصلاح حالهم وفوزهم ، ونجاتهم في دنياهم وسعادتهم ونجاحهم في أخراهم ، فالمتصدّي الغاصب لها قد ظلم ربّه وإمامه وعباد الله تعالىٰ. وقال النبيّ يوسف عليهالسلام : ( اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ) (١) وكان المقام الذي سأل فرعاً من فروع حقّه وشعبة من أصوله تمكّن من أخذه فطلبه.
ويجب علىٰ غير المعصوم أيضاً فيما ولّاه من المناصب الشرعيّة وترتيب آثارها والعمل بوظائفها ما دامت باقيةً مع رعاية عدم الوقوع في العصيان لأجلها ، وقد بيّن حدودها في الفقه ، وذلك كمنصب الإفتاء والولاية ، والحكومة على الناس ، والحكم والقضاء بينهم والمناصب الجنديّة والإداريّة ، وغيرها ممّا كانت مجعولةً من ناحية الإمام الوالي على الناس ، أو من نصبه الإمام والياً لإدارة أمور المجتمع ، فمن قصد بقبولها طاعة الإمام والشفقة على عباد الله وإحقاق حقوقهم وحفظ أموالهم وأعراضهم ودمائهم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وحفظ الحدود ومرابطة الثغور ، فهو من أفضل المجاهدات والعبادات.
ومن غصبها من أهلها وتقمّص بها ، أو لم يكن غرضه من قبولها من أهلها والتصدي بها إلّا الجاه بنفسه والتلذّذ بعنوانه ، ولم يرتّب عليها ما هي مطلوبة لأجله فهو من الأخسرين أعمالاً الذين ضلّ ... الخ. والذّم والوعيد بالهلاك ونحو ذلك واردة في هذا القسم.
والحاصل : أنّ الجاه كالمال فقد يرى الإنسان له أصالة ، وله حرص في جمعه
____________________________
١) يوسف : ٥٥.