الخارج أم لا ، وظاهر آخرين أنّه لا يحرم ما لم يظهر بقولٍ أو فعلٍ ؛ لأنّهم صرّحوا بأنّ الحرمة والعقوبة تترتّبان على الأفعال البدنيّة دون الصفات والملكات النفسية ، لكنّ الظاهر من بعض النصوص ترتّب العقوبة على بعض الصفات القلبيّة أيضاً وإن لم يترتّب عليه حكم تكليفيّ ، فاللازم أن يفرّق بين الحرمة والعقوبة كما ذكروا ذلك في التّجّري ، وللبحث عنه محلّ آخر.
والحسد من أخبث الصفات وأقبح الطبائع ، وهو من القبائح العقليّة والشرعيّة ، فإنّه في الحقيقة سخط لقضاء الله واعتراض لنظام أمره وكراهة لإحسانه ، وتفضيل بعض عباده على بعضٍ ، ويفترق عن الغبطة الممدوحة ، بأنّ الحاسد يحبّ زوال نعمة الغير والغابط يحبّ بقاءها ، لكنّه يتمنّىٰ مثلها أو ما فوقها لنفسه.
وللحسد أسباب كثيرة : عداوة المحسود مخافة أن يتعزّز ويتفاخر عليه ، وتكبّره على المحسود وتعجّبه من نيل المحسود بتلك النعمة ، وحبّ الرئاسة على المحسود ، فيخاف عدم إمكانها حينئذٍ ، وغير ذلك.
ومن آثاره تألّم الحاسد باطناً ، ووقوعه في ذلك العذاب دائماً ، ولذا قال عليّ عليهالسلام : لله درّ الحسد حيث بدأ بصاحبه فقتله (١).
فقد ورد في الكتاب العزيز قوله : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (٢) وقوله تعالىٰ في مقام أمره بالإستعاذة : ( وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ). (٣)
وورد في النصوص : أنّ الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب (٤).
____________________________
١) بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٤١ ـ مرآة العقول : ج ١٠ ، ص ١٦٠.
٢) النساء : ٥٤.
٣) الفلق : ٥.
٤) وسائل الشيعة : ج ١١ ، ص ٢٩٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧٣ ، ص ٢٤٤.