والوباء والطاعون وما أوعده تعالى لأعدائه في عالم الآخرة. وبالتّفكر في ما أنعم الله على عباده الصالحين في الدنيا من العلم والملك والولد والمال والنعمة والعافية وما وعده تعالى لأوليائه في الآخرة من غفرانه وإحسانه وإعطائه مقام الشهادة والشفاعة والجنّة والرضوان ممّا يعجز عنه وصف الواصفين ولم يبلغه نعت الناعتين.
ثمّ إنّ الوصفين حالتان تعرضان على النفس كثيراً ما تكونان متلازمتين ، بل يجب أن يكونا كذلك بالنسبة لمقام ربّ العالمين ، بحيث لو حصل للانسان خوف منه تعالى بلا رجاء أو رجاء بلا خوف كان ممّا ورد النهي عنه وعبّر عنهما : باليأس من روح الله والأمن من مكر الله ، بل اللازم وجودهما وتساويهما بحيث لو وزنا لم يتراجحا ، وأيضاً : من اللازم أن يكونا مسبّبين عن قدرة الله تعالى وعفوه وكرمه نظير ما إذا قتل زيد ولد شخصٍ كبيرٍ قادرٍ على الانتقام عظيم كريم الصفح ، فإنّه يحصل للقاتل ـ مع ملاحظة خطأه ـ حالة خوفٍ بالنظر إلى قدرته ورجاء بالقياس إلى كرمه ، فاللازم على العبد المذنب إذا فكّر في قدرة الله أن يخاف منه ، وإذا فكّر في عفوه وكرمه أن يرجوا صفحه. وأمّا الرجاء الحاصل من حسبان نفسه لائقاً بالعفو أو الإثابة أو رؤية عمله حسناً جميلاً يستحقّ به الجزاء فهو مذموم.
والحالتان قد تحصلان بالنسبة إلى الذنب وعقوبته ، وقد تحصلان بالنسبة إلى العمل الصالح وثوابه ، فالعبد كما قد يخاف من عقاب ذنبه ويرجوا العفو عنه كذلك قد يخاف من حرمان ثواب عمله ويرجوا الفوز به ، فالأولى أن نورد شيئاً ممّا ورد في الوصفين وآثارهما ، أي : ما ورد في صفة الخوف من الله تعالى ومن بطشه و عقابه ، وفي صفة الرجاء منه تعالى ـ رجاء غفرانه وإحسانه ـ.
فنقول : خاطب الله الناس بقوله : ( وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) (١) وقوله : ( وَخَافُونِ إِنْ
____________________________
١) البقرة : ٤٠.