بصرف نعم كثيرةٍ أخرىٰ منه تعالى ، فإنّ جميع أسباب القيام بالشكر : من العقل والقلب واللّسان والجوارح كلّها نعم مبذولة من ناحيته تعالى ، والأفعال الصادرة بها أيضاً تصدر بنصرته وإمداده.
فكلّما قال الشاكر : لك الشكر احتاج ذلك إلى شكر. وكلّما قال : لك الحمد وجب أن يقول كذلك : لك الحمد. وعلى هذا فحقيقة الشكر تنتهي إلى العجز عن الشكر ، ويكون آخر مراتب الشكر هو الاعتراف بالعجز عن الشكر ، فقد ورد : أنّ الله أوحى إلى موسى « أشكرني حقّ شكري ، فقال : يا ربّ كيف ذلك وليس من شكرٍ إلّا وأنت أنعمت به عليّ ، فقال : الآن شكرتني حين علمت ذلك » (١).
وفي الباب آيات ونصوص : فقد ورد في الذكر الحكيم قوله تعالى : ( وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ) (٢) وقوله تعالى : ( فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٣) وقوله تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) (٤) وقوله تعالى : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ) (٥).
وورد : أنّ إبراهيم ( شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ ) (٦).
وأنّ نوحاً ( عَبْدًا شَكُورًا ) (٧).
وأنّه ( مَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ) (٨).
____________________________
١) الوافي : ج ٤ ، ص ٣٥٠ ـ بحار الأنوار : ج ١٣ ، ص ٣٥١ ـ نور الثقلين : ج ٤ ، ص ٢٠١.
٢) البقرة : ١٥٢.
٣) الأعراف : ٦٩.
٤) ابراهيم : ٧.
٥) ابراهيم : ٣٤ والنحل : ١٨.
٦) النحل : ١٢١.
٧) الإسراء : ٣.
٨) النمل : ٤٠.