والمفروض علم المكلف باشتغال ذمّته بتكليف في ذلك الوقت لا بدّ له من تحصيل البراءة منه ، والإتيان بما يبرئ ذمّته شرعا عنه ، ويخرجها عن تبعته ، والمفروض ـ أيضا ـ كونه شاكّا في كون ما أتى به أوّلا على طبق الظنّ المذكور مبرئا عن ذلك التكليف ، فيجب عليه بحكم العقل حينئذ الإتيان بما تيقّن معه البراءة عن ذلك التكليف ، وهو إيقاع الفعل بجميع ما يحتمل اعتباره فيه شرعا من باب الاحتياط ، أو إيقاعه على مقتضى الظنّ الثاني على فرض حصوله بعد التردّد ، فإنّه حجّة فعليّة له من الشارع.
ومن هنا تبيّن فساد دعوى أنّ عمله السابق قد وقع بحكم الشرع ـ وهو حكمه بالعمل بالظنّ الأوّل ـ فيجزي.
وتوضيح الفساد : أنّ المفروض اشتغال ذمّة المكلّف في ذلك الوقت بتكليف يجب عليه الخروج عن عهدته بالإتيان بما يبرئ ذمّته عنه قطعا ، وغاية ما هناك أنّه اعتقد في حال الظنّ الأوّل بكون العمل على طبقه مبرئا ، ومجرّد تحقّق ذلك الاعتقاد في جزء من وقت مع فرض زواله في الجزء الآخر من ذلك الوقت لا يكفي للاستناد إليه والاحتجاج في مقام المؤاخذة على المطلوب الواقعي.
وبالجملة : لا بدّ للمكلّف من تحصيل المبرئ عن التكليف الثابت ، ولا يكفيه ولا يجديه اعتقاد كون شيء مبرئا مع فرض زوال ذلك الاعتقاد ، وحكم الشارع بالعمل بالظنّ الأوّل لا يقتضي أزيد من اكتفائه ظاهرا بما وقع على طبقه ما دام باقيا ، والمفروض زواله.
هذا إذا كان الظنّ المذكور من الطرق الشرعية الصرفة.
وأمّا إذا كان من الطرق العقلائية ـ التي ليس حكم الشارع بالعمل بها إلاّ من باب الإمضاء ـ فالامر فيه أوضح ، من حيث عدم ترتّب شيء عليه إذا لم يطابق الواقع ، وكون العمل به حينئذ كعدمه.
والحاصل : أنّه لا ينبغي الشبهة في لزوم الإعادة بعد زوال الظنّ