الاستحباب تجتمع معه ، وحينئذ فتلك الجهة كافية في صحّة المقدّمة العبادية ، إذ على القول بوجوبها يجعل (١) المكلّف تلك الجهة وصفا لما يأتي به ، ويقصدها على هذا الوجه ، وبجعل وجوبها الغيري داعيا ، وعلى القول بعدم وجوبها يأتي (٢) بها بداعي أمرها (٣) الاستحبابي الموجود فيها فيه فعلا ، فلا يتوقّف صحّة المقدّمة إذا كانت عبادة على وجوبها.
هذا ، مع أنّ الوجوب الغيري هو بنفسه غير كاف في انعقاد الفعل عبادة ، بل لا بدّ من القصد إلى الأمر النفسيّ المتعلّق بذي المقدّمة أيضا ، والإتيان بها بداعي ذلك الأمر مغن عن قصد الأمر الغيري ، لما مرّ أنّ روحه هو ذلك الأمر.
ومنها : أنّ القول بوجوب المقدّمة يؤثّر في فساد العبادة التي يتوقّف على تركها فعل ضدّها بناء على اقتضاء النهي التبعي في العبادة لفسادها ، فإنّه إذا وجب تركها مقدّمة فوجوب تركها يقتضي النهي عن فعلها من باب اقتضاء الأمر بشيء النهي عن ضدّه ، وذلك النهي يقتضي فسادها على القول باقتضاء النهي التبعي للفساد.
هذا بخلاف القول بعدم وجوب المقدّمة ، إذ لا أمر حينئذ بالترك حتى يكون مقتضيا للنهي الموجب لفساد الفعل.
والإنصاف : أنّ هذه هي الثمرة التي ينبغي اختيارها بناء على اقتضاء الأمر بشيء النهي عن ضدّه ، وعلى اقتضاء النهي التبعي للفساد ، فهذه أهمّ الثمرات وأجودها ، بل الثمرة منحصرة فيها ، لما عرفت من ضعف سائر ما ذكروه ثمرة للمسألة.
__________________
(١) في الأصل : فيجعل ..
(٢) في الأصل : فيأتي ..
(٣) في الأصل : أمره ..