لذلك لعدم سلطانهم على جوارح المأمورين ، وأمّا تعلّق غرضه به على نحو الإرادة التشريعية ـ وهي ـ مرتبة من الإرادة أدون من التكوينية متعلّقة بالفعل من غير إلغاء (١) اختيار العبد وقدرته ، بل تعلقت بصدوره منه عن اختياره ـ فلا مجال لإنكاره.
فيفارق أمر الشارع أمر (٢) السلطان والحكّام من وجهين :
الأوّل : أنّ الداعي له في أمرهم هي المصالح العائدة إلى الآمر بخلاف الداعي إليه في أمره تعالى.
والثاني : أنّ الإرادة المقرونة بالأمر بالنسبة إليهم تكوينية ، وبالنسبة إليه تشريعية ، وتشتركان في كون كلّ واحد منهما طلبا مولويا ، لا إرشاديا ، ولا إخبارا عن المصالح ، فيبطل قياسه لأمر الشارع على أوامر الطبيب للمريض ، لما عرفت من أنه ليس إرشاديا ، سيما (٣) مع جعله أمر الطبيب من مقولة الأخبار عن الخاصيّة من المصالح والمفاسد ، كما ينادي به تفسيره له : بأنّ اللائق بحاله كذا ، وأنّه إن فعل كذا فأثره كذا.
فبالجملة : فبعد الإغماض عن فساد تفسيره لأمر الطبيب بما ذكر ، نظرا إلى أنّه من مقولة الطلب ـ وإن كان إرشادا ـ لا الإخبار ، نقول :
إنّ كون أوامر الشارع من مقولة الإخبار عن خاصيّات الأفعال يدفعه :
أوّلا ـ ظواهر أدلّة التكاليف ، حيث إنّها ظاهرة في الطلب ، فإرادة الإخبار منها مناف لظواهرها من غير قرينة عليه.
وثانيا ـ الأدلّة على ثبوت العقاب على مخالفة الأوامر الشرعية ، إذ
__________________
(١) الظاهر في الأصل : إلقاء ..
(٢) في الأصل : لأمر ..
(٣) كذا في الأصل ، والصحيح : ولا سيّما ، كما يصحّ بدون الواو ، وأما ( لا ) فلا يجوز حذفها.