امتناع انفكاك القدر المشترك عن إحدى الخصوصيّتين المذكورتين إنّما هو بالنسبة إلى الأوّل ، لكن لا مطلقا أيضا ، بل بالنسبة إلى الملتفت إلى التّرك ، وإلاّ فيمكن الانفكاك حينئذ بالنسبة إلى الغافل عنه ، وأمّا الثاني فيمكن فيه التفكيك مطلقا ، بأن يراد بالصّيغة إفادة القدر المشترك وحده ، فإنّ امتناع انفكاك شيء عن شيء في الذهن لا يقضي بامتناع التعبير عن ذلك الشيء وإفادته باللّفظ وحده ، كما أنّ امتناع انفكاكه في الوجود الخارجي عن أمر لا يقضي بذلك بأن يعبّر باللفظ عنه وحده.
ألا ترى أنّ الأجناس يمتنع تصوّرها في الذهن بدون شيء من الفصول ، وكذا الموجودات الخارجية يمتنع وجودها في الخارج بدون شيء من الأعراض ، مع أنه يمكن التعبير [ عن ذلك ](١) ويصحّ إفادة كلّ من تينك بدون ما يلزمهما في الذهن أو الخارج ، كما في قولك : ( جئني بحيوان ، أو جسم ، أو رأيت رجلا ) مريدا به إفادة الشخص الخارجي بعنوان كونه فردا من أفراد الرّجل مع أنّ الشخص لا يخلو في الخارج عن كونه بأحد الألوان من السواد والبياض وغيرهما ، وعن كونه متحيّزا ، وغير ذلك من العناوين الصادقة عليه ، وكما في وضع أسماء الإشارة ، حيث إنها موضوعة للذوات الخارجية بأحد عناوينها ، وهو كونها ذكورا مشارا إليها ، أو إناثا كذلك ، وهكذا الحال في الضمائر والموصولات ، إذ الأولى موضوعة لها بعنوان كونها ذكورا أو إناثا ، وحاكية عنها من هذا الوجه ، والثانية موضوعة لها بعنوان كونها متعينة بصلاتها.
وقد حكي عن المدقّق الشيرواني (٢) في وجه الأمر بالتأمّل في الحاشية المحكية عن صاحب المعالم المتقدّمة ما ذكرنا ، قال : ووجهه أنّه فرق بيّن بين إرادة
__________________
(١) إضافة يقتضيها السياق.
(٢) وهو المذكور في هوامش المعالم بتوقيع ( ملا ميرزا ).