أن يفسح المجال لقريحته في أن تبدع وتجدد. فالفرطوسي لم ينظم الشعر لوجه الشعر ولم يتخذه صنعة ومهنة ، بل صيّره وسيلة تعبيرية تفصح عن خواطره وعواطفه :
وما الشعر إلاّ منبع مـن عواطف |
|
تـقدّسه منّـا عـقولٌ وألبـاب |
وأجمله مـا جاء عفـواً سلاسلاً |
|
وأعذبه سلس الأساليب خلاب (١) |
وقوله أيضاً :
هبوا شباب المعالي انهـا عقدت |
|
علـى مساعيكمُ الآمال أوطـانُ |
وجـددوا نهضـة الآداب في بلد |
|
مقـدس هـو لـلآداب عنـوان |
ورددوا الشعـر أنغاماً مـلحنة |
|
فـانما الشعـر أنغـامٌ وألحـان |
إنّ القريض من الأحشاء مقتطع |
|
فلا تقولوا مـقاطيع وأوزان (٢) |
وعلى هذا النحو أيضاً انصب اهتمام الشاعر في مجال القوافي وخاصة القوافي المتداولة والشائعة لدى السلف من الشعراء. ومن المعروف أنّ القدماء قسموا القوافي أقساماً ثلاثة « فالتي استحسنوها ليسرها وسهولتها وإجادة الشعراء فيها سموها القوافي « الذلل » كالباء ، والتاء ، والدال ، والراء ، والعين ، والميم ، والنون ، والياء حين تلحق بها ألف الاطلاق. وعلى العكس منها ما سموه بالقوافي « الحوش » وهي الخاء ، والذال ، والثاء ، والشين ، والظاء ، والغين ، وبين هذين الحدين من السهولة واليسر ، هناك القوافي : « النُفَّر » والقصائد الجياد التي بنيت عليها قواف قليلة ، كقوافي السين ، والصاد ، والضاد ، والطاء والواو » (٣).
وقد انفرد الشيخ الفرطوسي عن شعراء النجف الآخرين في تعامله مع
__________________
١ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٢٨.
٢ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٢٨١.
٣ ـ عبدالصاحب الموسوي : حركة الشعر في النجف ، ص ٣٤٨.