ب ـ الثورة الجزائرية (١) :
حين قامت الثورة الجزائرية ، وارتفعت أعلامها ، كان الشعراء في كافة البلاد العربية يقفون إلى جانبها بقصائدهم المؤيدة وأشعارهم الحماسية. وفي العراق كان الشعر النجفي في طليعة الشعر العراقي المؤيد للثورة الجزائرية وشعبها الصامد. ولم يشأ الفرطوسي أن يتخلف عن ركب الشعراء الثائرين بل واكب الثورة وبكل حماس منذ انطلاقتها الاُولى. فقد أنشد قصيدة « الجزائر » (٢) عام ١٩٥٦ م وقبل أن يتحقق استقلالها :
يـاأمـة الشـرف المـجيد |
|
ذودي عـن الأوطان ذودي |
هبّـي إلـى استقـلالك الـ |
|
ـغالي مـرفرفـة البنـود |
وخـذيه مخضـوب القـو |
|
ادم من دم الشعب النجيد (٣) |
__________________
١ ـ وتعرف أيضاً بـ « ثورة المليون شهيد » وهي حرب تحريرية وطنية ثورية ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي. انطلقت الرصاصة الأُولى للثورة في الثلاثين من تشرين الثاني عام ١٩٥٤ م معلنة قيام الثورة بعد قرن ونيّف من الاستعمار الفرنسي للجزائر. وقد بدأت هذه الثورة بقيام مجموعات صغيرة من الثوار المزودين بأسلحة قديمة ، وبنادق صيد ، وبعض الألغام بعمليات عسكرية استهدفت مراكز الجيش الفرنسي ومواقعه في أنحاء مختلفة من البلاد في وقت واحد. وكانت الثورة تهدف إلى استقلال الجزائر التام ، وسحب القوات الفرنسية ، وإقامة حكومة وطنية ، وإجراء اصلاحات واسعة بالنسبة لملكيات الأرض وتأميم المشروعات الصناعية. وقد تكللت الثورة بالنجاح بعد أن وافقت فرنسا على الاستفتاء العام الذي جرى في الأوّل من تموز عام ١٩٦٢ م ، وفيه اقترع الجزائريون لصالح الاستقلال وإنسحاب فرنسا من الجزائر بعد استعمار دام أكثر من مئة وثلاثين عاماً. ( موسوعة السياسة ، ج ٢ ، ص ١٨٨ ـ ١٩٢ ).
٢ ـ قدّم الشاعر قصيدته بمقدمة نثرية قال فيها : « مجازر عسف وانتقام تذبح الانسانية على صعيدها الوحشي وتقبر الفضيلة والنبل في لحدها المظلم وتنسخ الرحمة والعدالة بيدها الأثيمة. كل ذلك لاشباع نهمة استعمار فرنسي مجرم يفرضه بالنار والحديد على شعب عربي مجاهد يتطلّع لحريته واستقلاله وهو مؤمن بحقّه متفان بإيمانه. فأين ذهبت من العالم صرخة الإنسانية المجلجلة بهذا الوحش العقور ».
٣ـ النجيد : الشجاع. ( لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٤٩ ).