وأول قصيدة تطالعنا في حقل المراثي قصيدة « قلب مظلم » التي نظمها الشاعر عام ١٣٦٩ هـ في رثاء ولده « علي » الذي مات إثر صدمة قاسية أصابت قلبه من بعض أترابه حين كان يمرح في ملعب الطفولة. يقول الشاعر في مطلع القصيدة :
شفتاك فـي علٍّ وفـي نهل |
|
أشهى الى نفسي مـن العسل |
يـاقوتتان عـلى فـم عذب |
|
يفتر عن سمطين من خضل |
قـد ذابتا صهراً على كبدي |
|
وانبتَّ عقـدهما مـن الغلل |
جرحان قـد حفّـا بـزنبقة |
|
بيضاء كـالمراة في الصقل |
فتحا لرشف النـور فانطبقا |
|
وعليهمـا طبق مـن الظلل |
قيثـارتان وقـد تحطمتـا |
|
فـتحطمت دنياً مـن الزجل |
قـارورة السلوى هما لفمي |
|
وألـذُّ منهـا عنـده قُبلـي |
ولطالمـا عاقـرت مرشفها |
|
فتفجـرت مـن شهدة الأمل |
سُكبت ومـا روّت سُلافتها |
|
شفتيّ مـن عذب من النهل |
وينتقل الشاعر الى تصوير عمق الفاجعة التي الّمت به بعد أن أسهب في الحديث عن أوصاف ولده الذي طالما آنسه في وحشته ، وأذهب عنه عناء الحياة وتعبها بابتساماته الجميلة وضحكاته الطفولية البريئة :
يـا زفرة في النفس عاصفةً |
|
بزوابـع الآلام فـي زجـل |
يـا صدمة للقلب قد هدمت |
|
أركانه مـن حـادث جـلل |
أنزلتِ صاعقة علـى كبدي |
|
ونفذت سهماً قـط لـم يمل |
قد كنت أحسب انـه جلـد |
|
صلد على الأحداث كالجبل... |
وارحمتـاه لبـائـس نـكدٍ |
|
لأب شريد اللّـب منخـذل |