المطولات القصصية الملحمية (١) ».
ومهما تكن العلل والأسباب فانّ الشعر العربي قد افتقر الى الشعر الملحمي بشكله المتكامل في الملاحم المطولة. ولكن هذا لا يعني أنّ الشاعر العربي لم يطرق المعاني التي تطرق اليها أصحاب الملاحم ، وخاصة ما يتعلق بذكر البطولة والشجاعة ، والفخر والحماسة. فالمعروف عن الشعر العربيغزارته بالمعاني المذكورة ، وشغف الشعراء بتداولها والاكثار من استعمالها. ومن أبرز القصائد الملحمية العربية التي جسدت معاني البطولة والاقدام أروع تجسيد المعلقات السبع ، وخاصة معلقة عمرو بن كلثوم (٢) الذي يقول في مطلعها :
ألا هُبّي بصَحْنِكِ فَاصْبَحينا |
|
ولا تُبْقي خُمورَ الأندرينا (٣) |
ومعلقة الحارث بن حلّزة (٤) الذي يستفتحها بقوله :
آذَنَتْنــا بِبَيْنِهَا أسمَــاءُ |
|
رُبَّ ثاوٍ يُمَلّ منه الثَّواء (٥) |
ومعلقة عنترة بن شداد (٦) الذي يستهلها قائلاً :
هَـلْ غادَرَ الشعراءُ من مُتَردَّمِ |
|
أم هل عرفْتَ الدارَ بعدَ تَوَهّمِ (٧) |
وإذا ما انتقلنا إلى الشعراء في العصر الاسلامي فإننا نلمس بوضوح النفس الملحمي الصاعد من شعر تلك الفترة وخاصة ابّان الغزوات والفتوح الاسلامية.
__________________
١ ـ المصدر السابق.
٢ ـ عمرو بن كلثوم ( توفي نحو سنة ٤٠ قبل الهجرة ). من بني تغلب. شاعر جاهلي من الطبقة الاُولى. ساد قومه وهو فتى وعمر طويلاً. وعمر طويلاً. ( الأعلام ، ج ٥ ، ص ٢٥٦ ).
٣ ـ الزوزني : شرح المعلقات السبع ، ص ١١٨.
٤ ـ الحارث بن حلزة ( توفي نحو سنة ٥٠ قبل الهجرة ). شاعر جاهلي من أهل بادية العراق ، له ديوان شعر مطبوع. ( الأعلام ، ج ٢ ، ص ١٥٥ ).
٥ ـ الزوزني : المصدر السابق ، ص ١٥٥.
٦ ـ عنترة بن شداد ( توفي نحو سنة ٢٢ قبل الهجرة ). أشهر فرسان العرب في الجاهلية من أهل بادية العراق ، له ديوان شعر مطبوع. ( الأعلام ، ج ٥ ، ص ٢٦٩ ).
٧ ـ الزوزني : المصدر السابق ، ص ١٣٧.