١٩٣٥ م أصدر الخليلي جريدة « الهاتف » ثم انتقل بها الى بغداد عام ١٩٤٨ م. وقد استمرت في الصدور ما يناهز عشرين عاماً ثم اغلقت عام ١٩٥٤ م (١).
وثمة ظاهرة ثقافية اخرى امتازت بها النجف عن سائر البلدان العراقية وهي كثرة ادبائها وشعرائها اضافة الى وفرة مفكريها وعلمائها. فقد نبغ في النجف على مرّ العصور شعراء كثيرون كانت لهم مكانة شامخة ومنزلة عليا في عالم الشعر والأدب. وإذا ما استعلمنا مؤثرات واسباب هذه الميزة الفريدة فإننا سنقف على عوامل دينية واجتماعية وسياسية دخيلة جعلت النجف بيئة فكرية وادبية مميزة لم تحظ بها سائر المدن العراقية « فالى النجف يتجه اكثر العراقيين في الحركة الفكرية ، والبورصة الفكرية لأكثر مدن العراق وقراه المهمة في النجف. فانّ للأفكار النجفية هيمنة على العراقيين ولها سعراً ولها قيمة ليست للأفكار البغدادية ، وللمقال أو العقيدة النجفية أو الرأي النجفي ميزة خاصة عند العراقيين ... » (٢).
ولمركزية النجف العلمية والدينية ودورها الريادي في تعميم العلوم الاسلامية باعث هام في ازدهار الشعر والادب في هذه المدينة. فقد ظهر من علمائها نوابغ في الشعر والأدب اختط كل منهم مدرسة في عالم النظم والقصيد. ولا يعني هذا ان الشعر أصبح حكراً على طبقة خاصة من الناس بل بالعكس فان الشعر قد تفشى بين جميع الطبقات حتى أصبح من طبيعة الفرد النجفي. وفي هذا الخصوص يقول جعفر آل محبوبه : « الشعر في النجف طبيعي في نفوس أكثر أبنائه لاكسبي وغريزي ، لا تعلمي.فترى الشاعر النجفي من حين ما يشب يتغذى لبان الآداب ويرضع أخلاف النبوغ والعبقرية ولذا ترى أن الشعر ... فاش في أكثرهم.
__________________
١ ـ جعفر الخليلي : هكذا عرفتهم ، ج ٤ ، ص ٢٢٣.
٢ ـ علي الشرقي : موسوعة الشيخ علي الشرقي النثرية ، ج ٢ ص ١٥٧.