لا يعدم الباحث الشواهد على ما ابتلي به ابن عباس رضياللهعنه ، من خصومات عقائدية عنيفة لا تقل في عنفها عن تلك الخصومات السياسية ، فالخوارج ، والمجبّرة ، والقدرية ، وحتى اليهود والنصارى ، كانوا في مسائلهم جازوا عَنَتاً وعُنفاً ما كان يلاقيه من خصومه السياسيين من الحاكمين والتابعين لهم.
وكان أكثر أولئك جَدَلاً هم الخوارج ، وأشدّههم عنفاً وجرأة نافع بن الأزرق الخارجي ـ رأس الأزارقة ـ كما أنّ أهونهم شرّاً هو نجدة بن عامرـ ابن عويمر ـ رأس النجدات ، ولعلّ ما هو أعظم عناءاً وبلاءاً ما كان يلاقيه من مولاه عكرمة البربري ، حتى وصفه بالخبيث ، كما مرّ في ذكره مع تلامذته والرواة عنه ، وسيأتي مزيد إيضاح عنه في آخر البحث ، سوى ما يأتي في الحلقة الرابعة من نماذج أكاذيبه.
أمّا المجبّرة فكانت الفرقة التي احتضنتها السلطة في الشام ، فنفثت سُمومَها من خلال مقالاتها الباطلة ، إذ كان الأموي الماكر ، معاوية الكافر ، يغدق لهم العطاء ، وينعم عليهم بالجزاء ، ويكيد بهم الإسلام ، سواء في الشام أو غيرها مع الذين يفدون إلى الحرمين أيام الحج وغيرها ، كما ستأتي